WLC Radio
تعزيز القدرة الروحيّة
الحلقة 256تعزيز القدرة الروحيّة
أهلًا بكم الى راديو فرصة العالم الأخيرة، التابع لموقع وورلدز لاست تشانس، وهو خدمة مخصّصة لتعلّم كيفية العيش في استعداد دائم لعودة المخلّص.
طوال ألفي عام، والمؤمنون من كل جيل يتوقون إلى أن يكونوا الجيل الأخير. ولكن، خلافًا للاعتقاد الشائع، لم يعطِ المسيح المؤمنين «علامات الأزمنة» لينتبهوا إليها، بل على العكس، حذّر يهوشوا مراراً من أن مجيئه سيفاجئ حتى المؤمنين. وأوصاهم بإلحاح بأن يكونوا مستعدين دائمًا إذ قال:
" لِذَلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ." (متى٢٤: ٤٤)
راديو فرصة العالم الأخيرة: نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة.
الجزء الأول
سامي صابر: ماذا تفعل عندما تشعر بالإرهاق، ولا يزال يترتّب عليك المضي قدمًا؟ ولا أقصد الإرهاق الجسدي. فنحن نتعب كثيرًا… جسديًا… ولكن علينا الاستمرار، لذا نشرب القليل من الكافيين.
قصدت بكلامي الإرهاق الذهني. والإرهاق العاطفي. وحتى الإرهاق الروحي. ماذا تفعل في هذه الحالات؟ وماذا تفعل للاستمرار؟
مرحبًا، أنا سامي صابر وأنتم تستمعون إلى راديو فرصة العالم الأخيرة حيث نغطي مواضيع متعلقة بالكتاب المقدس والنبوءة والتقوى العملية والمعتقدات الكتابية والاستعداد لعودة يهوشوا المفاجئة. نحن جميعًا نحب أن نعرف ما يخبئه المستقبل لنا وما الذي نتوقعه، لكنّ يهوشوا قال إن عودته ستكون مفاجئة وغير متوقعة لدرجة أن المؤمنين أنفسهم سيتفاجأون. لذا من المهم أن نتعلّم أن نعيش في حالة من الجهوزية الدائمة.
لاحقًا، ستشاركنا ناديا يعقوب وعدًا مخصصًا لمواقف يصعب علينا مواجهتها. أظننا جميعًا وجدنا أنفسنا في مواقف كهذه عدة مرات على الأقل في حياتنا. لذا أتطلع إلى سماع الوعد الذي أعدته لنا اليوم.
أولاً، فلنغص في حلقة اليوم. يوسف؟ أنت تطلق على حلقة اليوم اسم "تعزيز القدرة الروحية". العنوان يروقني. كيف نفعل ذلك؟ كيف تستمر عندما تكون مرهقًا روحيًا وعقليًا وعاطفيًا؟
الكلمة لك.
يوسف راضي: شكرًا سامي. يعجبني استخدامك لكلمة "الإرهاق". ثمة فرق بين التعب والإرهاق.
يمكنك استعادة نشاطك من "الإرهاق" بأخذ قيلولة، أو أخذ الوقت للعناية بنفسك، أو ما شابه. لكنّ "الإرهاق" يتطلب مستوى مغايرًا.
أحد الأمور التي تساهم بشكل كبير في الشعور بالتعب هو الضغط النفسي. ولنواجه الأمر: العالم الحديث مليء بالعوامل المسببة للضغوطات النفسية.
سامي صابر: وأنت تعلم ما يقولون: الضغط النفسي قاتل.
يوسف راضي: بالتأكيد. الضغوطات النفسية تتراكم؛ وتتراكم. وقد تؤدي كثرة العوامل المسببة للضغوطات إلى الشعور بالاستنزاف التام.
هل واجهت ذلك من قبل؟ هل وجدت نفسك في موقف مرهق للغاية على كل المستويات، لدرجة أنك تساءلت لاحقًا، عند مراجعة الأمر، كيف تمكّنت من تجاوز المشقة؟ هل كنت في موقف مرهق للغاية، لدرجة أنه استنزف حرفيًا بعضًا من قوتك، كان مرهِقًا إلى هذا الحد؟
سامي صابر: عندما تصف الأمر على هذا النحو، لا. ربما؟ لا أظن ذلك. ليس إلى هذا الحد. أعني، نمر جميعًا بأوقات من الضغوطات النفسية الشديدة. لحسن الحظ بالنسبة إلى معظمنا، إنها مراحل قصيرة جدًا في حياتنا. لكن لا يمكنني القول إنني مررت بأمر مرهق للغاية لدرجة أنني تساءلت لاحقًا كيف تخطيته.
يوسف راضي: سأروي لك قصة – قصة حقيقية – عن امرأة تدعى آدا Ada. كانت تبلغ من العمر ثماني سنوات فقط عندما توفي والدها بسبب تسمم غذائي. لم تتمكن والدتها من كسب لقمة العيش لتعتني بطفلتين، فأرسلت آدا وأختها إلى مدرسة إرسالية.
سامي(قلقًا): متى حدث هذا؟ وأين؟
يوسف راضي: في أوائل القرن العشرين، في ألاسكا.
سامي صابر: المدارس الإرسالية في أميركا الشمالية سمعتها سيئة فيما خصّ الإساءة. هل كانت آدا من السكان الأصليين؟
يوسف راضي: نعم. لا نعرف ما إذا كانت تعرضت للإساءة في المدرسة الإرسالية، لكنك محق: كانت المدارس الإرسالية في أميركا الشمالية سيئة السمعة لجهة معاملة الأطفال.
عندما كانت آدا في السادسة عشرة من عمرها، تزوجت رجلًا يُدعى جاك بلاك جاك Jack Blackjack.
سامي صابر: حقًا؟ هل كان لاعب ورق محترف أو ماذا؟
يوسف راضي: لا، في الواقع كان صيادًا وسائق زلاجة كلاب. أنجبت آدا ثلاثة أطفال، لكنّ واحدًا فقط -ابنها Bennett – بقي حيًا. ثم مرض وأصيب بالسل.
سامي صابر: وازداد الوضع سوءًا، أليس كذلك؟
يوسف راضي: أجل فقد كان جاك مسيئًا. وهجر آدا وبينيت. فحصلت آدا على الطلاق وهذا كان صادمًا للغاية في عشرينيات القرن العشرين. ثم أخذت بينيت، وسارت أربعين ميلاً إلى نومي Nome، في ألاسكا حيث كانت تعيش والدتها. حاولت إعالة ابنها، لكنها لم تستطع رعاية طفل مريض وكسب لقمة العيش، فاضطرت إلى وضعه في دار الرعاية. أصبحت ملتزمة بكسب ما يكفي من المال لتتمكن من إعادة ابنها إلى المنزل. ربما لهذا، وافقت على الانضمام إلى رحلة استكشافية عبر القطب الشمالي عبر بحر تشوكشي Chukchi إلى جزيرة رانغل Wrangle.
حسبت آدا أن عددًا كبيرًا من سكان ألاسكا الأصليين سينضمون إلى الرحلة الاستكشافية. ولكن في النهاية، كانت هي الوحيدة. وكان الأعضاء الآخرون في الفريق، كنديًا وثلاثة أميركيين، جميعهم من الرجال البيض.
في الخامس عشر من أيلول / سبتمبر من عام ألف وتسع مئة وواحد وعشرين، تُركت آدا والرجال الخمسة في جزيرة رانغل. كانت محاولة للمطالبة بالجزيرة لكندا. وكانت تقع في أقصى الشمال.
سامي صابر: وكيف سارت الأمور؟
يوسف راضي: في البداية سارت بشكل جيد. ولكن بعد عام، نفدت حصصهم الغذائية. ولم يتوفر ما يكفي من الطرائد في الجزيرة لتزويدهم باللحوم. وبعد عام آخر ونصف، ساءت الأمور أكثر. فقرر الكندي واثنان من الأميركيين السير عبر البحر المتجمد إلى سيبيريا للحصول على المساعدة. أي مئة وخمسة وأربعين كيلومترًا، عبر الجليد في ليل القطب الشمالي. حصل ذلك في كانون الأول / يناير عام ألف وتسع مئة وثلاثة وعشرين. تركوا آدا والأميركي الثالث، الذي كان مريضًا، خلفهم.
ولم يعودوا بتاتًا. بعد وفاة الأميركي، ظلت آدا وحدها.
سامي صابر: أتتخيّل؟ استمرت حياتها في التدهور من سيئ إلى أسوأ، مرارًا وتكرارًا. وبصفتي والدًا، لا يمكنني أن أتخيّل ما مرّت به، وهي قلقة على ابنها.
يوسف راضي: لم يفارق تفكيرها بالتأكيد، أنا واثق. جاء في مذكراتها، بتاريخ الثاني من نيسان/ أبريل عام ألف وتسع مئة وثلاثة وعشرين، وبلغة إنجليزية مكسّرة، أقتبس: "إذا أصبت بأي مكروه. وعلمتم بوفاتي، فهناك حقيبة كتب مدرسية سوداء اللون لبينيت، لابني الوحيد. أتمنى لو تسلمون كل ما يخصني لبينيت."
سامي صابر: يا إلهي. هذا أمر مفجع. مواجهة موتها؛ والقلق بشأن طفلها الصغير المريض. وعدم معرفة ما سيحدث. علي أن أقول، إن أيًا من العوامل المسببة للضغوطات في حياتي ليست شبيهة البتة بما مرت به هذه المرأة.
إذن، ماذا حدث؟
يوسف راضي: في آب/ أغسطس عام ألف وتسع مئة وثلاثة وعشرين، تم إنقاذها أخيرًا. وكانت آدا الناجية الوحيدة. فاستعادت ابنها واصطحبته إلى سياتل Seattle، واشنطن للعلاج من مرض السل الذي كان يعانيه. تزوجت مرة أخرى وأنجبت ابنًا آخر، وعادت في النهاية إلى القطب الشمالي حيث عاشت حتى وفاتها عام ألف وتسع مئة وثلاثة وثمانين عن عمر يناهز خمسة وثمانين عامًا.
سامي صابر: هذا غير معقول. بعض التجارب في الحياة صعبة جدًا، وتترك أثرًا واضحًا فيك.
يوسف راضي: أصبت. لهذا السبب وعْد الرؤيا الواحد والعشرون القائل إن يهوه سيمسح كل الدموع من أعيننا ثمين للغاية.
أعلم أنك كنت تواجه بعض العوامل المسببة للضغوطات النفسية في حياتك مؤخرًا.
سامي صابر: كلنا نريد أن تسير حياتنا بسلاسة ونادرًا ما يحصل ذلك.
يوسف راضي: بعد الاستماع إلى تجارب آدا، كيف تشعر بشأن ما مررت به؟ ليس التقليل من شأن ما كنت تواجهه بأي شكل من الأشكال. أعلم أن كفاح شخص ما لا يبطل كفاح شخص آخر، ولكن كيف تشعر بشكل عام؟
سامي صابر: بصراحة؟ مأساتي لا تضاهي مأساتها. لا أستطيع تخيّل مروري بما مرّت به. فهذا يضع الأمور في نصابها الصحيح بالنسبة إلي، أن أنظر إلى الصراعات التي مر بها شخص آخر – وأنتصر عليها.
يوسف راضي: هذا هو الجواب على سؤالك السابق حول ما الذي يجب أن نفعله عندما نستنفد قوانا إلى حد الاستنزاف التام. كيف نستعيد قوتنا؟ كيف نبني قدرتنا على التحمل؟
يُعلِمنا واضع الرسالة إلى العبرانيين بالإجابة، وهي: التأمل. تأمَّلْ في ما مر به الآخرون. تأمل في ما تحملوه. انظر كيف دعمهم يهوه واعْلَم أن—
سامي صابر: "كل ما فعله للآخرين، سيفعله من أجلك".
يوسف راضي: بالضبط. يريد كاتب العبرانيين أن يلهم قراءه بالإيمان للمثابرة. يريد تقويتهم لمواجهة المحن التي يعرف أنهم سيواجهونها.
لا نعلم على وجه اليقين متى كُتب أو لمن كُتب، ولكن إذا كُتب للمؤمنين في أورشليم كما يفترض كثيرون، فلربما كان استشهاد كل من استفانوس ويعقوب أخ يوحنا في ذهن مؤلف هذا السفر.
سامي صابر: ناهيك عن المؤمنين الذين كان بولس، المعروف سابقًا باسم شاول، مسؤولاً عن قتلهم.
يوسف راضي: صحيح. هو يريد حثهم على الصمود. هذه هي النقطة التي يبني عليها في الأصحاح الثاني عشر، ولكنه يضع الأساس لحجته في الأصحاح الحادي عشر. لذا فلنبدأ من هناك. إنتقل إلى العبرانيين، الحادي عشر ولنبدأ القراءة بالآية الأولى.
سامي صابر: "أصحاح الإيمان".
يوسف راضي: الإيمان – اتفاق العقل على أن ما يقوله يهوه هو حق، بسبب من هو – وهو الأساس لرجاء المسيحي وقوته. يبدأ الأصحاح الحادي عشر في العبرانيين بتعريف للإيمان. إقرأ الآية الأولى.
سامي صابر: وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى.
يوسف راضي: هذا تعريف عملي جدًا للإيمان. تقول ترجمة أخرى: "الإيمان هو الثقة بالأمور المرجوة، والبرهان على الأمور غير المرئية".
هذا تصريح قوي. يقول إن الإيمان هو بحد ذاته دليل على تحقيق الوعد. ويؤكد أهمية الإيمان في الآية التالية. اقرأ الآية الثانية.
سامي صابر: فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ.
يوسف راضي: ومن هنا، يعود بنا إلى البداية: إلى هابيل، وإلى أُخْنوخ وإلى نوح. ثم يتوسع في الحديث عن تجارب إبراهيم، وسارة، وإسحق، ويعقوب، ويوسف. ويذكر موسى ووالديه. ويتحدث عن تجارب بني إسرائيل، وإيمان راحاب، ثم ينتقل إلى موضوع آخر. اقرأ الآيات الثانية والثلاثين حتى الثامنة والثلاثين.
سامي صابر:
وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ، الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ.
يوسف راضي: نحن نطلق على العبرانيين الحادي عشر اسم "أصحاح الإيمان"، ولكن هل سألت نفسك يومًا لماذا؟ ما الأمر المشترك بين كل هؤلاء الأفراد؟
سامي صابر: أممم… تغلبوا على الصعوبات؟
يوسف راضي: بالتأكيد. حتى إن هابيل ضحى بحياته، ولكنك لا تعتمد القتل في لحظة. ربما مواجهات كثيرة أدت إلى المواجهة الأخيرة حتى قتله قايين.
نحن معجبون بأبطال الإيمان هؤلاء ولكن فكّر في واقعهم. لقد دُعي نوح لبناء سفينة. ودُعي لنشر كلمة الطوفان القادم. استخدم ثروة عائلته الموروثة لبناء السفينة وكانت رسالته غير شعبية للغاية. أصبح أضحوكة في جميع أنحاء العالم. ومن الصعب مواجهة ذلك!
سامي صابر: لا أحد يروقه التعرض للسخرية. فهذا أمر غير سار وحتى مجهد.
يوسف راضي: ومع ذلك ثابر.
دُعي أبرام إلى ترك حياته المريحة والذهاب إلى مكان سيُعرض عليه. لم يكن يعرف حتى إلى أين كان يذهب عندما بدأ!
كم من العقود كانت سارة تتوق فيها إلى إنجاب طفل لتتحطم آمالها شهرًا بعد شهر بعد شهر؟
وإسحق … ويعقوب. واجهوا جميعًا الصعوبات.
سامي صابر: يوسف! باعه إخوته للعبودية.
يوسف راضي: هذه خيانة لن يواجهها سوى قِلة منا. ومع ذلك، من خلال الإيمان، صمد الجميع. لم يستسلموا. تغلبوا على صعوباتهم.
كل هذا هو سياق العبرانيين الثاني عشر. هذا هو الأساس الذي يبني عليه تفكيره للتغلب وبناء القدرة الروحية.
سامي صابر: حسنًا. أكره المقاطعة ولكننا سنأخذ استراحة سريعة. عندما نعود، سنتعمّق بدراسة الأصحاح الثاني عشر لأنني، من الناحية الشخصية، أود بناء قدرتي الروحية.
يوسف راضي: يمكننا جميعًا أن نفعل ذلك ويجب علينا ذلك.
سامي صابر: سنعود بعد قليل. ابقوا معنا
إعلان
في متى السادس عشر حذّر يهوشوا التلاميذ: "انْظُرُوا، وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ".
من الواضح أنه لم يكن يأمرهم بعدم شراء الخميرة أو أي مادة تخمير أخرى منهم. كان للمخلّص
معنى أعمق.
في الكتاب المقدس، "الخميرة" هي رمز للخطيئة. لذا فإن ما كان يهوشوا يحذّر التلاميذ منه حقًا هو خطيئة الفريسيين والصدوقيين. ولكن هل يجب على المؤمنين المعاصرين أن يكونوا على دراية بهذا الأمر؟ هل كان هذا التحذير، ربما، مخصصًا للمؤمنين في القرن الأول؟
قد تفاجئكم الإجابة ولكن هذا تحذير مهم اليوم كما كان عندما حذر يهوشوا التلاميذ لأول مرة لأن خمير الفريسيين والصدوقيين لا يزال قائمًا بين المؤمنين.
استمعوا إلى سامي ويوسف وهما يستكشفان ماهيّة الخمير وكيف يمكنكم الاحتراس منها. استمعوا إلى الحلقة الواحدة والتسعين وعنوانها: "احذروا الخميرة القاتلة!"
تعثرون عليها على www.worldslastchance.com/arabic
الجزء الثاني
سامي صابر: ها قد عدنا! يوسف، هل قلت إن "أصحاح الإيمان" في العبرانيين الحادي عشر هو سياق الأصحاح الثاني عشر؟
يوسف راضي: نعم. هذا هو الأساس للأصحاح الثاني عشر. هو ما يبني عليه حجته، ويمكنك أن ترى ذلك في الآية الأولى من الأصحاح الثاني عشر. تبدأ الآية بـ "لذلك".
لذلك… وبالتالي… بسبب هذا السبب. إنه يبني هنا قضية لما يريدنا أن نفعله لبناء قدرتنا الروحية.
فلنقرأها. العبرانيين الثاني عشر الآيتان الأولى والثانية.
سامي صابر: "لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَهوشوا، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ يهوه."
يوسف راضي: في الأصحاح الحادي عشر، أخبرنا لماذا يجب أن نعتبر كل شخص من الأشخاص الذين ذكرهم قدوة. هنا، يشير إلى المسيح نفسه باعتباره المثال الأعظم: الذي، من أجل الفرح الموضوع أمامه، احتمل الصليب، مستهينًا بالخزي.
ماذا تقول الآية الثالثة؟
سامي صابر: فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ.
يوسف راضي: إنه أمر. "التفكّر" فعل. طُلب منا أن "نتفكّر" في المسيح الذي تحمّل هكذا معارضة. علينا أن نفكر فيه وفي ما مرّ به. علينا أن نتأمل فيه؛ أن نفحص تجاربه ونحولّها في أذهاننا. علينا أن نتأمل فيها. وتخبرنا الرسالة إلى العبرانيين لماذا: "لكي لا تكلّوا وتخوروا".
سامي صابر: هذا صحيح. عندما أفكر في ما مرّ به المسيح، تبدو صراعاتي سخيفة. إنها سخيفة حقًا!
يوسف راضي: هذا ليس لإبطال آلامك أو صراعاتك. أحيانًا، عندما نفكر في ما عاناه شخص آخر، نشعر وكأننا لا نملك الحق في النضال لأن معاناته تفوق معاناتنا بكثير.
إن ألم شخص واحد لا يبطل ألم آخر. فالشخصان يعانيان؛ ويكافحان. لكنّ النقطة المهمة هي أن تستوحي الإلهام عندما ترى ما تحمّله الآخرون، وكيف انتصر آخرون بالإيمان، مع العلم أن القوة التي أعطاهم إياها يهوه للتغلب على الصعوبات متاحة لك أيضًا.
سامي صابر: وهذا يرفع المعنويات ويشجعك! مثل تلك القصة التي رويتها في جزئنا الأول: إنها تضع صراعاتي في منظورها الصحيح.
يوسف راضي: صحيح، وبهذه الطريقة يحاول كاتب العبرانيين إلهام قرائه للمثابرة. ماذا تقول الآية الرابعة؟
سامي صابر: لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ…
يوسف راضي: يربك هذا النص الناس أحيانًا. فعندما نكافح لمقاومة التجربة، ومقاومة إغراء الخطيئة، لا نسفك الدماء. ولكن هذا لا يتحدث ببساطة عن مقاومة التجربة. في السياق، يتحدث هذا، جزئياً، عن كل الأفعال التي ترتكبها الخطيئة ويرتكبها الخطأة ضد يهوه في شخص أبنائه.
في حين لم يعش معظم الناس تحت اضطهاد شديد، إلا أنه لا يزال قائمًا بأشكال مختلفة في بعض أجزاء العالم. وعلاوة على ذلك، قصص ما مر به شعب يهوه في الأوقات الماضية محفوظة جيداً. عندما يقول كاتب العبرانيين: "لم تقاوموا بعد حتى الدم"، يقصد: "أنا أعلَم أنكم تكافحون. ولكن تذكّروا أن نعمة يهوه، وقوته، ساعدت كثيرين آخرين على الصمود. لستم وحدكم في النضال. فآخرون كافح أيضًا. وبفضل نعمة يهوه، انتصروا. "وأنتم أيضًا تستطيعون ذلك."
سامي صابر: لأنه ما فعله للآخرين، سيفعله لكم.
يوسف راضي: بالضبط. لذا مهم جدًا، عندما نكافح، أن ننتبه لما مر به الآخرون. هذا ليس لنفي أو إبطال ما نمر به لأنهم مروا بظروف أسوأ بكثير. لا. إنما هذا يعني أنه إذا كانت نعمة يهوه كافية لحملهم على تجاوز هذه المحنة، فسيحملك لتتجاوزها.
وهذا جلي في القسم التالي من العبرانيين الثاني عشر. اقرأ الآيات الرابعة حتى السادسة.
سامي صابر:
لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ، وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ:« يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ يهوه وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ يهوه يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ».
يوسف راضي: إن كل من كان طفلًا – وهذا ينطبق علينا جميعًا – يكره حقًا كلمة "التأديب". فهي تذكرنا بصور لكيفية تأديبنا عندما كنا صغارًا. وهو أمر غير سار.
سامي صابر: بالنسبة إلى بعضهم، يصبح التأديب إساءة.
يوسف راضي: أحيانًا أجل، لكن هذا ليس تأديبًا حقيقيًا. هذا عقاب. العقوبة والتأديب أمران مختلفان. العقوبة هي جزاء التسبب بجريمة أو ارتكابها.
أما التأديب فهو "ممارسة تدريب الناس على إطاعة القواعد أو مدوّنة السلوك، باستخدام العقوبة لتصحيح العصيان".
سامي صابر: لذا، العقاب جزء من التأديب.
يوسف راضي: قد يكون كذلك. ولكن كنتيجة لسلوك خاطئ فقط. لكن في جوهره، التأديب هو التدريب الذي يجعل الشخص قادرًا، وراغبًا في الطاعة، أو يُحكم السيطرة. الانضباط يؤسس لضبط النفس. لذا يتم تأديب الرياضيين. يتم تأديب الجنود. والموسيقيين والراقصين والفنانين—
سامي صابر: وماذا عن الكتّاب؟
يوسف راضي: بالتأكيد! أي شخص يحقق أي مستوى من الإتقان يكون قد مارس الانضباط الذاتي للوصول إلى هذه النقطة. الآباء، في جهودهم لتربية أطفالهم ليكونوا أعضاء مساهمين في المجتمع، يؤدبون أطفالهم. وفي النهاية، يهوه هو أبونا. يؤدبنا ليهيئنا للحياة في ملكوته.
فلنكمل القراءة. الآيات السابعة إلى الحادية عشرة.
سامي صابر:
إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ يهوه كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ.
يوسف راضي: كان كاتب العبرانيين مفكِّرًا عميقًا. فهو لا يريدنا أن نصاب بالإحباط عندما تحدث الأمور السيئة، حاول أن يجعلنا ننظر إلى التجارب التي نراها صعبة من منظور مختلف. إنه يقول، "فكر في الأمر كما لو كان تأديبًا للرياضي". ولهذا السبب، في الآية الأولى، يشير إلى الحياة المسيحية باعتبارها سباقًا. يقول: "وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا". يتطلب الأمر الانضباط لخوض السباق.
لاكتساب هذا الانضباط الذاتي، من المهم أن نخرجه من نطاق العقاب ونرى الانضباط على حقيقته: التدريب. استخدَم مثال العدّاء، ولكن فلنتناول أي رياضي كمثال. لا يهمني نوع الرياضة، إذ كونك رياضيًا يتطلب ساعات وساعات من التدريب. ويتطلب أسلوب حياة متقشفًا ونظامًا غذائيًا صحيًا. يتطلب الأمر التخلي عن حضور الحفلات مع الأصدقاء لتتمكن من النوم باكرًا وتكتسب الطاقة للتمرين في اليوم التالي، كل ذلك حتى تصبح المهارة كلها – سواء أكانت رمي الرمح، أو الغوص المثالي، أو الدوران المتوازن تمامًا على طرف إصبع القدم، أو العزف لشوبان بشكل مثالي – ذاكرة عضلية.
هذا هو الانضباط الذاتي. وهذه هي وجهة النظر التي يجب أن نتمسك بها عند مواجهة الصعوبات وحتى المواقف الساحقة. هذا هو الانضباط الذي يتحمله الرياضيون وهو يقودنا إلى تعلّم أنه يمكننا أن نثق بأبينا السماوي.
لدي اقتباس هنا أود منك قراءته.
سامي صابر: ولمن هو؟
يوسف راضي: لـ ألكسندر ماكلارين MacLaren. أسمعتَ به؟
سامي صابر: لا. لا أظن.
يوسف راضي: كان من اسكتلندا. عندما توفي عام ألف وتسع مئة وعشرة، كان خادمًا معمدانيًا لخمسة وستين عامًا تقريبًا. كان ملتزماً بشدة بدعوته كخادم.
على أي حال، في مقال عن العبرانيين الثاني عشر، تناول ماكلارين زاوية الرياضي المنضبط أيضاً.
إقرأ لنا من موقع العلامة.
سامي صابر:
"الصورة التي تصور السياق بأكمله مستمَدّة من الميدان. قبل آية أو آيتين تحدّث الكاتب عن السباق: والآن يغير وجهة نظره قليلاً ويتحدث بدل ذلك عن المصارعة أو المواجهات القتالية التي دارت هناك. وجهة نظره هي أنه دائمًا وفي كل مكان، قد تختلف أشكال الصراع، لكنّ عنصر الجهد والتحمل والعداء لا ينفصل عن الحياة المسيحية. وهذا يستحق الدراسة لبعض الوقت.
من الجيد أن نغنّي عن المراعي الخضراء والمياه الهادئة، وأن نبتهج بالبركات، والتعزيات، والسكينة، والنشوة التي تصاحب الخبرة المسيحية، وأن نبتهج بفكرة الرحمة التي تحل بالجسد والروح من خلال الإيمان. كل هذا صحيح ومبارك، ولكنه ليس سوى جانب واحد من الحق. وما لم ندرك ونمارس ونختبر الجانب الآخر من الحياة المسيحية، ما يجعلها تعبًا وألمًا للذات الدنيا ومقاومة مستمرة، أجرؤ على القول إننا لا نملك الحق في الجانب المريح واللطيف والحنون منها؛ ويجب أن نتساءل عما إذا كنا نعرف أي أمر عن المسيحية.
لا نُمنح لنا – ولا نُمنح لنا بشكل أساس – لتأمين تلك الأمور العظيمة والثمينة التي تربطنا بها، بل تمنح لنا حتى نكون أكثر تأهيلاً للصراع، بعد أن نغتني بها ونستقر ونقوى بامتلاكها، كما يتأكد القائد الحكيم من أن جنوده قد تناولوا طعامًا جيدًا قبل أن يرميهم في المعركة."
يوسف راضي: لذا، كمؤمنين، فإن تأديبنا هو النضال ضد الخطيئة. ومثْل المسيح الذي انتصر من خلال إبقاء عينيه على الجائزة التي أمامه – "الفرح الذي وُضع أمامه" – علينا أن نفعل الأمر نفسه.
ماذا كتب بولس في كورنثوس؟ "«مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ…
سامي صابر: …وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ يهوه لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ»"؟
يوسف راضي: هذا صحيح. لذا، في النهاية، لا يهم نوع التجربة: سواء أكانت خسارة وظيفة، أو خسارة علاقة، سواء أكانت… لا أعرف: اضطهادًا، أو اعتقالًا. أياً كانت المشكلة، يجب أن نبقي أعيننا على جائزة الحياة الأبدية في مملكة يهوه. والطريقة التي نزيد بها من قدرتنا على التحمل، والطريقة التي نعزز بها إيماننا هي أن نرى كيف حملت قوة الآب ونعمته الآخرين على تخطي صراعات مماثلة – وأسوأ -.
سامي صابر: لدي سؤال. عندما يقول إننا لم نقاوم بعد إلى حدّ سفك الدماء في الصراع ضد الخطيئة، أهو يتحدث عن شن حرب ضد طبيعتنا الساقطة؟ أو يتحدث حصريًا عن الاضطهاد بأي شكل من الأشكال؟
يوسف راضي: سؤالك جيد . قلتُ سابقًا إنه في سياقه، يتحدث هذا – جزئيًا – عن الأفعال المرتكبة ضد المؤمنين.
سامي صابر: قلت، "جزئيًا". هل الأمر يفوق ذلك؟
يوسف راضي: نعم. الخطيئة خطيئة، سواء أكانت في طبيعتنا الساقطة، أو في الطبيعة الساقطة لأشخاص آخرين. أو … المؤسسات التي يستخدمها الشيطان لتحقيق غاياته. كل هذا واحد ومماثل. الخطيئة هي ذاتُ … الخصم، إذا صح التعبير، الذي نخوض جميعًا حربًا ضده.
وكما هو الحال في أي حرب، الجهد والتحمل مطلوبان. ولهذا، علينا بناء قدرتنا الروحية.
في هذه الحرب، الميدان الأول للمعركة بالنسبة إلينا جميعًا هو المعركة مع طبيعتنا الساقطة.
سامي صابر: أتقول إن المؤمنين بحاجة إلى الاستسلام حتى يصبحوا كاملين؟
يوسف راضي: لا. طالما لدينا طبيعة ساقطة، لن نكون كاملين أبدًا. وهنا يرتبك المؤمنون. من المستحيل لأي شخص يتمتع بطبيعة ساقطة أن يكون كاملاً. لا أعرف من أين جاءت فكرة أنه إذا استسلمنا بما يكفي، فسنكون في النهاية كاملين. الكتاب المقدس نفسه يقول إن هذا مستحيل ما دمنا نتمتع بطبيعة ساقطة.
ماذا يقول رومية الثامن الآية السابعة؟
سامي صابر: لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِليهوه، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ يهوه، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ.
يوسف راضي: هذا لا يعني أنه لا يريد الخضوع لناموس يهوه، بل لا يستطيع ذلك. الفرق شاسع.
ومع ذلك، هذا لا يعني أنه يجب أن نكون كسالى و"ألا نحرك ساكنًا" ونخوض معركة الإيمان الصالحة. هذا بالضبط ما وصفه بولس في رومية السابع. اقرأ لنا الآيات الواحدة والعشرين حتى الرابعة والعشرين.
سامي صابر:
إِذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ يهوه بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هذَا الْمَوْتِ؟
يوسف راضي: هذه معركة على كل واحد منا أن يخوضها طوال حياته. نحن نعادي طبيعتنا الساقطة. ولكن هذا ليس سوى جزء من المعركة.
إن ساحة المعركة التالية هي تأثير العالم الذي لا يكرّم يهوه ولا يضع مشيئته في المقام الأول.
سامي صابر: ويمكن أن يكون هذا التأثير خبيثًا جدًا.
يوسف راضي: الأفضل أن تقر بذلك! ومسؤوليتنا الأولى كمسيحيين هي أن نراقب أنفسنا عن كثب، وأن نحمي أنفسنا من الغزوات التي يمكن أن يستخدمها الشيطان، من خلال محيطنا والأشخاص والثقافة من حولنا، لإبعادنا عن الالتزام الكامل بيهوه.
سامي صابر: جاء في بطرس الأولى، الخامس الآية الثامنة: اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.
يوسف راضي: لا تتوقّف. تابع فالفقرة رائعة.
سامي(ضاحكًا): إنها الآية الوحيدة التي أعرفها. سأنتقل إليها بسرعة.
تقول: "فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ.
وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَهوشوا، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. (بطرس الأولى 5: 9 و 10)
يوسف راضي: لا مفر من المعاناة. فنحن نعيش في عالم مليء بالخطيئة. وهذا ما أراد يهوه أن يحمينا منه منذ البداية. ولكن إذا استطعنا أن نقبل هذه التجارب باعتبارها تجارب تعليمية يريدها يهوه لنا، فيصبح من الأسهل علينا أن نجتازها. والتركيز على تجارب الآخرين الذين انتصروا، بما في ذلك المسيح نفسه، من شأنه أن يبني قدرتنا على التحمل.
وقفة منتصف البرنامج
أنتم تستمعونَ إلى راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة"!
راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة": نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة!
إعلان
كان مارتن لوثر كينج جونيور، الحائز على جائزة نوبل للسلام، خادمًا أميركيًا مشهورًا بنشاطه الاجتماعي. كتب ذات مرة، "الإيمان هو اتخاذ الخطوة الأولى حتى عندما لا ترى السلّم بالكامل". الإيمان أمر بالغ الأهمية لمسيرة مسيحية غالبة. في الواقع، في كورنثوس الثانية، الخامس، الآية السابعة، يَذكر بولس أن المؤمنين يسيرون بالإيمان وليس بالعيان.
ولكن هل تعرفون ما يعنيه ذلك؟ كيف يتمثّل ذلك في الحياة اليومية؟
ما هي الفوائد التي يؤدي إليها وكيف يمكننا أن نجعل هذا جزءًا من مسيرتنا الروحية؟ كيف يمكننا أن نجعل هذا جزءًا عمليًا من الحياة اليومية؟
لمعرفة المزيد، استمعوا إلى حلقة بُثّت سابقًا وعنوانها: "العيش بالإيمان وليس بالعيان". تجدونها بالإضافة إلى حلقات أخرى تركّز على الحياة المسيحية الغالبة على موقعنا www.worldslastchance.com/arabic . ما عليكم سوى النقر على رمز راديو فرصة العالم الأخيرة والتمرير للأسفل.
الجزء الثالث
يوسف راضي: يكمن أحد الواجبات الأولى للمسيحي الذي يعيش في عالم الخطيئة في إدراك أن العالم لا يعيش وفقًا لمبادئ السماء ووصاياها. لهذا علينا أن نكون دائمًا على حذر من غدر التسوية المندسّة. وإلا فإننا سنصاب بعدوى هذه التسوية.
سامي صابر: "نصاب بعدوى"، عبارة جيدة للتعبير عن هذه المسألة. ولكنني لست متأكدًا من أن مجرد منع أنفسنا من هذه التسوية يكفي. ينبغي ألا نكون "من" العالم، إنما " فيه".
يوسف راضي: أنت محق. علينا السعي لإقامة البرّ على الأرض. علينا ذلك. ولكن هنا يخطئ البعض. إذا لم يخطئوا من خلال عزل أنفسهم عن العالم، فيخطئون من خلال محاولة فرض قيمهم على الآخرين، من خلال التشريع، أو التشهير الاجتماعي، أو أي أمر آخر.
سامي صابر: " أحبك، لكنني أكره خطيئتك".
يوسف راضي: وهذا ما لم يقله يهوشوا أبدًا. لا يمكنك "تشريع" البر. لا يمكنك أن تحاول إرغام الآخرين من خلال التشريعات على الإيمان كما تفعل أنت.
سامي صابر: أثبت التاريخ ذلك! ولكن ماذا ينبغي على المسيحيين أن يفعلوا؟ علينا العمل على ترسيخ البر على الأرض، ولكن كيف؟
يوسف راضي: بالطريقة الصعبة. كما فعل المسيح: بالقدوة.
كره الفريسيون المسيح لأنه أظهر اللطف والرحمة، والأهم من ذلك كله، قبول الخطأة. كان يتواصل معهم اجتماعيًا. ومن المؤكد أنه لم يلفّ نفسه بأردية البر ويقول، "لا أستطيع قبول دعوتك لأنه بذلك يبدو وكأنني أوافق على خطيئتك".
سامي صابر: من الصعب جدًا ترسيخ البر بالقدوة.
يوسف راضي: صحيح! من الأسهل أن نحاول تشريع الخير، لكنّ ذلك لم يؤدِ سوى إلى الاضطهاد. جزء مما يجعل القيادة بالقدوة صعبة للغاية، بصرف النظر عن حقيقة أننا جميعًا ما زلنا نملك طبيعتنا الساقطة، هو أننا غالبًا ما نريد فعل ما نعرف أنه ينبغي لنا عدم فعله. وهنا يأتي دور إطلاق الأحكام على إخواننا وأخواتنا.
مثلًا، إذا كنا نحب لحم الخنزير المقدد، ولنكن صادقين، من منا لا يحبه ؟ ـ ولكننا في الوقت نفسه مقتنعون بأن القيود المفروضة على اللحوم غير النظيفة لا تزال ملزمة، ونرى الأخ جيم يتناول شطيرة من لحم الخنزير المقدد والخس والطماطم ـ وهو ما نرغب حقًا في فعله، ولكننا نختار ألا نفعله، فمن السهل جدًا الحكم عليه؛ الحكم على روحانيته.
سامي صابر: نعم! عندما تفعل ما أريد أنا فعله ولكنني أختار بكامل إرادتي الامتناع عنه، الأفضل أن تصدق أنني سأطلق عليك الأحكام لفشلك في الالتزام بمعاييري! (يضحك)
يوسف راضي: لذا العمل الأول هو في قلوبنا. يقول بولس:" أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ".(١كورنثوس١٥: ٣١) حسنًا، ماذا يعني بذلك؟ إنه يتحدث عن النضال من أجل الاستسلام لإخضاع الجسد.
سامي صابر: ولكن كيف نفعل ذلك؟ إذا كان هذا هو عملنا الأول، فكيف نفعل ذلك؟
يوسف راضي: يقدم لنا بولس الإجابة في غَلاَطِيَّةَ الثاني. انتقل إليه واقرأ لنا الآية العشرين.
سامي صابر: مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ ياه، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.
يوسف راضي: هكذا نحدث التغيير في العالم. نخوض المعركة الصالحة ضد طبيعتنا الساقطة، ومن خلال الاستسلام للمسيح، نصل إلى النفوس بالطريقة التي فعلها. هذا أصعب بكثير من تشريع البر، لكنه الطريقة الوحيدة الفعّالة حقًا.
الآن، نعود إلى كيفية بناء قدرتنا على التحمل كمحاربين من أجل المسيح. كما لاحظنا، يقارن كاتب العبرانيين بين تجربة قرائه وتلك التي مر بها الآخرون. عندما قال، " لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ"، فإنه أراد أن يشير إلى مدى سهولة حصولهم على الأمر مقارنة بالآخرين، وخصوصًأ أولئك المذكورين في الأصحاح السابق.
المقارنة الثانية التي يتطرق إليها، كما رأينا، هي تجربة المسيح نفسه.
سامي صابر: كما عبّر أحد الكتاب المسيحيين، حمل يهوشوا الجزء الثقيل من الصليب، ووضع الجزء الخفيف على أكتافنا.
يوسف راضي: هذا جيد. اعتدنا التركيز على معاناة المسيح عند موته، ولكن ماذا عما مر به في تفاعلاته اليومية خلال خدمته العلنية؟ يخبرنا يوحنا أنه بعد أن أطعم يهوشوا الخمسة آلاف، كان عليه أن يبقى في الجليل. لم يكن بوسعه أن يسافر في أنحاء يهودا كما كان من قبل بسبب غيرة السلطات الحاكمة. يقول يوحنا إنهم سعوا إلى قتله.
حسنًا، فكروا في ما كان لذلك أن يفعله بروح المسيح. كان إنسانًا كاملاً، مثلنا تمامًا. هنا قام بهذه المعجزة الضخمة. ولكن، بدل أن يكون لها التأثير الذي كان يأمل أن تحدثه على قلوب القادة، جعلتهم أكثر غيرة.
سامي صابر: لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة من قبل، لكنك محق. تحدّث عن بيئة عمل سامة!
يوسف راضي: كانت كذلك فعلًا. وليس من القادة اليهود والحشود فحسب ، إنما كما تعلمون، كان الافتقار إلى الإيمان لدى تلاميذه مؤلمًا.
انتقل الآن إلى يوحنا الرابع عشر. ولاحِظ أن هذا كان في نهاية خدمة المسيح. في الواقع، كان بعد العشاء الأخير بينما كانوا يسيرون إلى جثسيماني. كان يهوشوا يخبر التلاميذ أنه يجب أن يرحل، لكن لا داعي للقلق لأنه سيعود من أجلهم. ابدأ القراءة من الآية الرابعة.
سامي صابر:
وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ.
قَالَ لَهُ تُومَا:« يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» قَالَ لَهُ يَهوشوا: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ». (يوحنا 14: 4-7)
يوسف راضي: لذا، فإن يهوشوا، واضح أنه يتحدث مجازيًا، يقدم هذا التفسير الجميل. وبدل التعبير عن الإيمان، ماذا كانت الاستجابة؟ الآية الثامنة.
سامي صابر: قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: « يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا».
يوسف راضي: وكأنها طعنة في الصميم! لم يفعل يهوشوا سوى إظهار الآب لهم لمدة ثلاث سنوات ونصف! ولم يفهموا. يمكنك ملاحظة عدم التصديق في رد يهوشوا. الآيات التاسعة حتى الحادية عشرة. تابع القراءة. سامي صابر: قَالَ لَهُ يهوشوا:« أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا.
يوسف راضي: كان لا بد للمسيح أن يشعر بأن سنوات خدمته العامة كانت بلا جدوى. ها هو ذا، على بعد إثنتي عشرة ساعة أو نحو ذلك من الصلب، وما زال هؤلاء الحمقى غير مدركين للأمر! لا بد أن الأمر كان محبطًا. سامي صابر: لم أفكر في ذلك قبلًا. لكنك محق. كانت معاناته أكبر مما مر به على الصليب. كانت تعكس تمامًا الآب في تفاعلاته ليس "مع غير المؤمنين" فحسب، بل مع المؤمنين حتى. يوسف راضي: حتى مع أفراد أسرته! عندما نشعر بالإحباط، عندما تصبح تفاعلاتنا الشخصية مع أفراد الأسرة وزملائنا في العمل مرهقة، عندما نشعر بأننا غير مقدّرين، أو مستغَلّين، أو غير محترمين… مهما كان ما يسبب لنا صعوبة، قارنوا الأمر بتجربة مماثلة في حياة المسيح. وستحددونها بالفعل. وعندما ترى مثالاً لكيفية صمود يهوشوا في مواجهة كل الظروف المحبطة، كن واثقًا بأن القوة التي حصل عليها من الآب متاحة لك أيضًا.
سامي صابر: هذا يذكرني بآية في إشعياء الثالث والخمسين. إنها نبوءة عن المسيح. الآية الثالثة تقول: "مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ"
يوسف راضي: عندما ندرس حياة المسيح، عندما نخصص الوقت الكافي للتفكير في الثمن الذي دفعه بسبب النقد المستمر وتحديد الأخطاء والصراع المستمر، سنفهم كما لم نفهم من قبل ما يعنيه أنه جُرّب "في كل شيء مثلنا بلا خطية".
كما قلنا قبلًا، عندما نفكر في حياة أولئك الذين سبقونا، عندما ننظر إلى التجارب التي دُعيوا إلى خوضها والثمن الذي دفعوه مقابل الإخلاص، سنرى صراعاتنا الخاصة في نور جديد تمامًا.
إذا قرأتَ عما مر به الشهداء، وحتى أولئك الذين لم يفقدوا حياتهم، لكنّ التزامهم بالحق تعرّض لاختبار شديد، سترى أن ما يمر به معظمنا يوميًا هو … مجرد حياة! الحياة في عالم خاطئ. لن تكون سهلة أبدًا. لكنها في الحقيقة ليست سيئة مثل ما كانت عليه حياة الكثير من المؤمنين. سامي صابر: نعم. تغير العالم كثيرًا منذ حرق المؤمنين على العواميد.
يوسف راضي: نعم. وهذا هو السبب بالتحديد الذي يجعلنا بحاجة إلى أن نأخذ العبرانيين على محمل الجد. بالفعل، تغير العالم. ورغم وجود شهداء، لم نبلغ الحد الذي كانت عليه العصور الماضية. ومع ذلك، نحن بحاجة إلى الشجاعة والقدرة على التحمل التي تأتي من التأمل في تجارب أولئك الذين سبقونا، لأن هجمات الشيطان أصبحت أكثر دهاءً من ذي قبل. إذا كنت تتعرض للاضطهاد بسبب إيمانك بمعمودية البالغين، أو بسبب رفضك الاعتراف بالبابا كرئيس للكنيسة، وأنت تعلَم أنه يمكن قتلك بسبب رفضك التنازل عن معتقداتك، فهذا أمر مرعب. ولكن لمجرد أن الشيطان غيّر أساليبه في الحرب، فهذا لا يعني أن المؤمنين اليوم يمكنهم التساهل في التزامهم بالمسيح واتباع الحق. فالحرب الروحية مستمرة، وهي في كثير من النواحي أكثر دهاءً. وبالتالي، فهي خطيرة، تحديدًا لأن الكثير من العالم أصبح مسيحيًا.
سامي صابر: ماذا تقصد؟ لماذا يزيد هذا من الخطر على المؤمنين؟ يوسف راضي: ما دام البشر يتمتعون بطبيعة ساقطة، سيكون هناك عداء بين أولئك الذين يقاتلون ضد ما يسميه بولس إنسان الخطيئة العتيق، وغير المؤمنين الذين لا يشاركون في القتال عينه.
في ظل انتشار المسيحية كنظام عقائدي، فإن المؤمنين الحقيقيين – أولئك الذين يرغبون في المشاركة في هذا القتال المستمر ضد طبيعتهم الدنيا، ويكافحون لإخضاعها – ما زالوا أقلية. هناك حشود مسيحية بالاسم فقط. وهذا أضعفَ شهادة المسيحيين ككل.
سامي صابر: أيمكننا القول إن المسيحية الحديثة قد اندمجت مع العالم؟
يوسف راضي: بالتأكيد. لماذا يضطهد العالم ما يشبههم حقًا في كل أمر باستثناء الاسم؟ الشيطان أذكى من ذلك. عندما يتم إحياء الاضطهاد، يلجأ الناس إلى يهوه. لكن إن أعطيت العالم السلام، والمؤمنين الحرية ليكونوا كسالى، تحصل على مسيحية تشبه العالم كثيرًا.
إن المؤمنين اليوم، المؤمنين الحقيقيين، أولئك الذين يلتزمون باتباع الحق أينما يقودهم،ـ مدعوون إلى أن يعيشوا حياة من التقوى لا تحظى بشعبية كبيرة في العالم الحديث.
سامي صابر: تحاول تكريم يهوه بعبادته في سبته الأصلي، المحسوب وفقًا لتقويمه الأصلي، وستختبر بنفسك مدى عدم شعبية الحق حتى الآن.
يوسف راضي: إنه أمر غير ملائم. حين ينوجد حق يتطلب صليبًا، سيصرخ المسيحيون الذين لا يريدون أن يتعرضوا للإزعاج طالبين "اتباع الناموس!" لذا، فإن عداوة الحرب الروحية لا تزال قائمة. ولنواجه الأمر: الصراع المستمر مرهق. وهو يسبب الإجهاد. ولهذا السبب فإن نصيحة العبرانيين موجهة إلينا. انظر إلى تجارب أولئك الذين سبقونا. وإلى تجارب المسيح نفسه. عندما نفعل ذلك، ونرى الطرق العديدة التي حفظهم بها يهوه، وعززهم وشجعهم، فإن قدرتنا الروحية ستتعزز. لماذا؟ لأننا نستطيع أن نعرف أن ما فعله للآخرين … سامي صابر: … سيفعله لنا أيضًا. يوسف راضي: هذا صحيح.
سامي صابر: التالي. ناديا يعقوب ووعد اليوم.
وعد اليوم
مرحبًا! هنا راديو فرصة العالم الأخيرة، معكم ناديا يعقوب في وعد اليوم من كلمة ياه.
مقاطع الفيديو القصيرة على يوتيوب قصيرة جدًا لا تزيد مدتها عن الستين ثانية. ويتم الترويج لها باعتبارها "وسيلة يمكن لأي شخص من خلالها التواصل مع جمهور جديد باستخدام هاتف ذكي وكاميرا الفيديوهات القصيرة في تطبيق يوتيوب". لا أعلم ما إذا كانت متاحة في جميع البلدان، ولكنها تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة. يمكنك مشاهدة أي موضوع بدءًا بالنصائح الحياتية الفلسفية حتى النكات وغيرها.
وهناك قناة تبث المكالمات التي ترد إلى خدمات الطوارئ. إحدى المكالمات التي استمعت إليها كانت من قِبَل امرأة اختطفها شريك سابق. كانت تتحدث وكأنها تكلّم طفلها. في البداية، كان من الواضح أن عاملة خدمات الطوارئ كانت مرتبكة بعض الشيء.
فسألتها، "سيدتي، هل تعلمين أنك اتصلت بخدمات الطوارئ؟"
"نعم"، جاء صوت خافت دامع. "أنا هنا".
أدركت عاملة الهاتف على الفور ما كان يحدث ثم سألت، "هل أنت في خطر؟"
"نعم يا عزيزتي"، ردت المتصلة.
"هل أنت محتجزة رغماً عنك؟"
"نعم يا عزيزتي. أمك تحبك أيضاً"، كانت الإجابة.
وبطريقة ما، تمكنوا من تعقب المكالمة ومعرفة مكان المرأة. تم إرسال الضباط وجُمعت بطفلها.
لكنّ الحادث برمته دفعني إلى التفكير. يا له من موقف مرعب تضطر الى اختباره! هل تتخيل أن يتم اختطافك من قبل شخص يرغب في إيذائك وأن تتمتع بالوعي الكافي لطلب المساعدة – كل هذا من دون أن يعلَم الخاطف بمن اتصلت؟
أحيانًا، في الحياة قد نجد أنفسنا في مواقف لا نملك القدرة على مواجهتها. قد نجد أنفسنا في خطر ولا نعرف ماذا نفعل أو كيف نستجيب. لكنّ يهوه يمسك بزمام الأمور.
تَسَالُونِيكِي الثَّانِيةُ، الثالث الآية الثالثة تقول: "أَمِينٌ هُوَ يهوه الَّذِي سَيُثَبِّتُكُمْ وَيَحْفَظُكُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ."
لقد مُنحنا وعوداً عظيمة وثمينة. إبدأوا بالمطالبة بها!
الجزء الرابع
يوسف راضي: إحدى صديقات زوجتي صادقة ومتدينة جدًا. وهي تؤمن إيمانًا شديدًا بأن يهوشوا سيعود في وقت ما خلال الثمانية عشر شهرًا القادمة.
سامي صابر: نعم. أخبرتني عنها. ألا يتم تأجيل فترة الثمانية عشر شهرًا هذه باستمرار؟
يوسف راضي: هل تقصد عندما ننتقل إلى الشهر التقويمي التالي؟ نعم. كانت مقتنعة بأنه سيعود خلال الثمانية عشر شهرًا القادمة طوال السنوات السبعة التي عرفتها فيها.
سامي صابر: وهل شاركتها الدليل الكتابي على أن عودة المسيح ستفاجئ حتى المؤمنين؟
يوسف راضي: زوجتي فعلت ذلك.
سامي صابر: وماذا حصل؟
يوسف راضي: فلنقل إن الأمور لم تسر بشكل جيد. لكنّ هدفي من إثارة هذا الموضوع هو مشاركة عبارة تقولها كثيرًا. إنها تركز على كل الشرور في العالم، وعدد الأطفال الذين يموتون من الجوع كل دقيقة، والطقس السيئ المتزايد، وأي إحصائية سيئة يمكنك تخيلها، ستتحدث عنها. ثم تقول، "لا يمكن أن يزداد الأمر سوءًا. سيأتي يهوشوا ويدعو إلى وقف ذلك".
الحقيقة هي أن الحياة يمكن أن تزداد سوءًا! لقد كانت أسوأ – أسوأ بكثير – بالنسبة إلى الكثيرين عبر التاريخ. علينا ألا نبحث عن "علامات الأزمنة". لكن ما يجب أن ننظر إليه، ونفكر فيه، ونتأمل فيه، هو تجربة أولئك الذين سبقونا. أولئك الذين وقفوا مخلِصين حتى الموت. عندما نرى الشجاعة التي أُعطيت لهم، والقوة التي أعطيت لهم والتي مكنتهم من الصمود والتغلب، سيتعزز إيماننا وتزداد قدرتنا على التحمل.
سامي صابر: يعجبني كيف قلت إنهم "أُعطوا" الشجاعة. غالبًا ما نعتقد أن الشجاعة هي أمر إما أن يتمتع بها الشخص أو لا. لكن حتى الشجاعة هبة.
يوسف راضي: يعقوب الأول الآية السابعة عشرة تقول: كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.
سامي صابر: وهذا يشمل الشجاعة. والقوة. والقدرة على التحمل. والإيمان. وعندما نرى كيف تغلّب الآخرون بهذه المواهب الإلهية، يمكننا أن نتشجع لأننا قادرون على ذلك.
حسنًا، انتهى وقتنا. أشكركم على حسن استماعكم. إذا كنتم ترغبون في مشاركة حلقة اليوم، فرقمها مئتان وستة وخمسون وعنوانها: "تعزيز القدرة الروحية".
نأمل أن تتمكنوا من الاستماع إلينا غدًا من جديد، وحتى ذلك الحين، تذكروا: يهوه يحبكم. . . وهو جدير بثقتكم!
تسجيل الخروج
كنتم تستمعون إلى راديو فرصة العالم الأخيرة.
هذه الحلقة والحلقات السابقة من راديو فرصة العالم الأخيرة متاحة للتنزيل على موقعنا. إنها رائعة للمشاركة مع الأصدقاء ولاستخدامها في دراسات الكتاب المقدس! كما أنها مصدر ممتاز لأولئك الذين يعبدون يهوه بمفردهم في المنزل. للاستماع إلى الحلقات التي بُثّت سابقًا، زوروا موقعنا WorldsLastChance.com/arabic وانقروا على رمز راديو فرصة العالم الأخيرة المعروض على صفحتنا الرئيسية.
في تعاليمه وأمثاله، لم يقدّم المخلّص أي "علامات للأزمنة" يجب الانتباه إليها. بدل ذلك، فحوى رسالته كان… اليقظة المستمرة. إنضموا إلينا مرة أخرى غدًا للحصول على رسالة أخرى مليئة بالحق بينما نستكشف مواضيع مختلفة تركّز على عودة المخلّص وكيفية العيش في استعداد دائم للترحيب به بحرارة عندما يأتي.
راديو فرصة العالم الأخيرة: نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة.
Comments