الحلقة 271
فك رموز التعابير الاصطلاحيّة اليهوديّة
تعرّف إلى المعنى الحقيقي للتعابير الاصطلاحيّة اليهوديّة التي فسّرها المؤمنون حرفيًا بشكل خاطئ.
أهلًا بكم الى راديو فرصة العالم الأخيرة، التابع لخدمة راديو فرصة العالم الأخيرة وورلدز لاست تشانس، وهو خدمة مخصّصة لتعلّم كيفيّة العيش في استعداد دائم لعودة المخلّص.
طوال ألفي عام، والمؤمنون من كل جيل يتوقون إلى أن يكونوا الجيل الأخير. ولكن، خلافًا للاعتقاد الشائع، لم يعطِ المسيح المؤمنين «علامات الأزمنة» لينتبهوا إليها، بل على العكس، حذّر يهوشوا مراراً من أن مجيئه سيفاجئ حتى المؤمنين. وأوصاهم بإلحاح بأن يكونوا مستعدين دائمًا إذ قال:
" لِذَلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ." (متى٢٤: ٤٤)
راديو فرصة العالم الأخيرة: نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة.
الجزء الأول
سامي صابر: لكلّ لغة تحديّاتها بالنسبة إلى من يحاول تعلّم لغة جديدة. وبالنسبة إلى من يستخدم الأبجديّة الرومانيّة – وهي مُستخدمة في معظم لغات أوروبا الغربيّة – من الصعب تعلّم الأبجديّة السِيرِيلِيّة للغات أوروبا الشرقيّة. أما بالنسبة إلى اللغات مثل الهنديّة والسنسكريتيّة التي تستخدم الخط الديفاناغاري، فمن الصعب تعلّم نظام كتابة أبجدي يُشير إلى الحروف الساكنة، وهو النظام المُستخدم لكتابة العربيّة والفارسيّة. بالطبع، يَعتبر أولئك الذين اعتادوا الكلمات المُكوّنة من حروف عدديّة أن تكون اللغات الشرقيّة صعبة.
ناهيك عن القواعد. فرغم كون الإسبانيّة سهلة النطق والتهجئة والقراءة، إلا أن قواعدها أكثر صعوبة. أما قواعد اللغة الإنجليزية، فهي سهلة للغاية، لكنّ التهجئة صعبة! يُقال إن اللغة الإنجليزية التي تحتوي على أكبر عدد من المفردات مقارنة بكل لغات العالم، تتفوّق على اللغات الأخرى من حيث المرونة، فتغوص فيها لإيجاد قواعد نحوية ضعيفة ومفردات إضافية!
وأجد نفسي مضطرًا للموافقة. جميع الاستثناءات للقواعد في اللغة الإنجليزية هي سبب لأن يكون تعلّمها صعبًا.
لكن لمعرفة لغة ما حقًّا، وفهمها، والتحدّث بها وكأنها لغتك الأم، عليكَ إتقان… تعابيرها الاصطلاحية، غير أن التعابير الاصطلاحية لا تُترجم. ما يُسمى "ناطحة سحاب" بالإنجليزية، يُسمى كذلك "مبنى شاهق" بالفرنسية. لكنّ هذين التعبيرين الاصطلاحيين سهلان، وواضحان نوعًا ما.
قد تكون بعض التعابير الاصطلاحية أصعب فهمًا، بل إنها تحمل تهديدًا مبهمًا. مثلًا، يعبّر متحدث أصلي للغة الإنجليزية عن أن غرضًا ما كان باهظ الثمن بقوله إنه "يكلّف ثروة". أما متحدث أصلي للغة التايلاندية، فيقول: "في عصر يوم جديد، في حياتك الثانية"، ليعني المعنى عينه الذي يقصده الروسي بقوله: "نعم، عندما يُصفّر جراد البحر على قمة جبل". بمعنى آخر: "لن يحدث هذا أبدًا!"
قد لا تكون التعابير الاصطلاحية مربكة فحسب، وتحجب المعنى المقصود، إنما أيضًا يمكن أن يعتبرها أولئك الذين يجهلون معناها مضحكة.
إذا كانت هذه المرة الأولى التي تنضمون فيها إلينا، فأنا سامي صابر، وأنتم تستمعون إلى إذاعة فرصة العالم الأخيرة حيث نغطي مواضيع متعلّقة بالكتاب المقدس، والنبوءة، والتقوى العمليّة، والمعتقدات الكتابيّة، والعيش في استعداد دائم لعودة المخلص غير المتوقعة، مهما كان موعدها.
كان للّغات العبريّة والآراميّة واليونانيّة التوراتيّة تعابير اصطلاحيّة أيضًا. والمشكلة هي أن معظم المسيحيين اعتادوا سماع هذه العبارات التوراتيّة لدرجة أنهم ربما لم يعودوا يدركون أنها في الواقع تعابير اصطلاحية. وهذه مشكلة لأنك إن لم تَعلم أن عبارة ما هي تعبير اصطلاحي، فستترجمها حرفيّا.
لذا، طلبتُ اليوم من يوسف أن يشرح بعض التعابير الاصطلاحية الشائعة في الكتاب المقدس. هذه التعابير – لأننا لم نفهم أنها في الواقع تعابير – استُخدمت كثيرًا لدعم الاعتقاد بأن يهوشوا إلهي وله وجود سابق قبل أن تلده مريم.
كما ذكرنا في حلقات أخرى، نَعلم الآن أن الكتاب المقدس يؤكد مرارًا أن يهوشوا كان إنسانًا كاملًا وليس إلهًا على الإطلاق. كانت له طبيعة واحدة – بشريّة – تمامًا مثلنا جميعًا. ويهوه هو الإله الحقيقي الوحيد. الآلهة الأخرى آلهة زائفة. ويهوه أيضًا له طبيعة واحدة فقط. وليس ثالوثًا إلهيّا. إنه "هو" فحسب. إذن، إن لم تكن التعابير الاصطلاحية هذه تُثبت ألوهية يهوشوا، فماذا تعني فعليًا؟
لاحقًا، خلال البريد اليومي، يسأل أحد المستمعين كيف يمكن للمسيحيين أن يشهدوا بفاعلية لغير المسيحيين، ولا سيّما أولئك الذين لا ينتمون إلى الديانات الإبراهيميّة. إنه سؤال وجيه، لأن الكثير من الشهادة المسيحيّة الحديثة تُركز في الواقع على الكرازة. إنها سرقة خراف، إجبار شخص مسيحي على تغيير مذهبه. لكنّ الأدلة التي تجذب العقل المسيحي قد لا تجذب بالضرورة، مثلاً، هندوسيًا أو بوذيًا أو سيخيًا.
بعدئذٍ، أعدّت ناديا يعقوب وعدًا لكل من يخشى المستقبل أو الموت. مع وعود ياه، لا داعي للخوف.
الآن، بالعودة إلى التعابير الاصطلاحية اليهوديّة، يوسف؟ الكلمة لك.
يوسف راضي: شكرًا سامي!
المواضيع في الكتاب المقدس أبديّة. كتب بولس إلى تيموثاوس قائلًا: كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ يهوه، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ياه كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ. [تيموثاوس الثانية ٣: ١٦-١٧]. من هذا المنطلق، يسهل علينا أن نقرأ الكتاب المقدّس بمنظورنا الحديث كما لو كان قد كُتب لتوّه بلغتنا الأم.
لكنّ الأمر لم يكن كذلك. ونحن نُعرّض أنفسنا للانحراف عن المسار الصحيح، ولسوء فهم، بل وحتى لسوء تفسير الكتاب المقدس عندما نفعل ذلك. إذا أردنا حقًا فهم رسالة الكتاب المقدس، فعلينا النظر إليه من خلال المنظور الثقافي لمختلف الأشخاص الذين كتبوه.
سامي صابر: هل تذهب إلى حد القول إنك لا تستطيع فهم المسيحيّة من دون فهم اليهوديّة بشكل صحيح؟
يوسف راضي: همم. أظن أن المسيحيّة الحديثة تشكّلت بناءً على افتراضات حول الكتاب المقدس لم يكن ليفترضها قارئ يهودي من القرن الأول. لذا، أؤكد أنه لا يمكن فهم المسيحيّة الرسوليّة الصرف من دون فهم اليهودية فهمًا صحيحًا.
سامي صابر: حسنًا.
يوسف راضي: في الواقع، هناك الكثير من التعابير الاصطلاحية في الكتاب المقدس، كما هو الحال في معظم اللغات. وسبق أن ناقشنا بعضها.
اليوم، أودُّ التركيز تحديدًا على ثلاث عبارات شائعة تُشير إلى وجود يهوشوا المسيح سابقًا. وهي:
- للقدوم إلى العالم
- للقول إن شيئًا (أو شخصًا ما) ليس من هذا العالم
- وأخيرا، ليُرسَلَ إلى العالم
سامي صابر: هل هذه تعابير اصطلاحيّة؟ لطالما ظننتُ أنه يجب تناولها وتفسيرها حرفيًا.
يوسف راضي: هنا تكمن المشكلة عندما تواجه تعبيرًا اصطلاحيًا، وأنت تتحدث لغة أجنبية. عندما لا تعرف معناه المفترض، تفسّره حرفيًا. هذا عادي. لذا يمكنك أن تفهم لماذا يؤمن الثالوثيون بأن هذه العبارات تشير إلى وجود المسيح قبلهم حرفيًا.
فلنلق نظرة على بعض الأمثلة قبل المتابعة. يوحنا الثالث الآية السادسة عشرة.
سامي صابر: بالتأكيد! "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ يهوه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."
يوسف راضي: أتعرف الآية التالية؟ ففيها تُستخدم إحدى هذه العبارات.
سامي صابر: تعلمتُها منك! "لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ يهوه ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ."
يوسف راضي: هذا جيّد.
ترد كذلك في يوحنا الأولى، الرابع الآية التاسعة. إنتقل إليه واقرأها لنا؟
سامي صابر: "بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ يهوه فِينَا: أَنَّ يهوه قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ."
يوسف راضي: وتِيمُوثَاوُسَ الأول الآية الخامسة عشرة.
سامي صابر: صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ يهوشوا جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا."
يوسف راضي: بما أن عقيدة الثالوث الأقدس تُعلّم أن يهوشوا إله، فكان لا بدّ من وجوده سابقًا. من هنا تأتي فكرة أن يهوشوا هو "كلمة" ياه المذكورة في يوحنا الأول، إذ تقول: "في البدء كان الكلمة". فافترضنا جميعًا – وهذا خطأً – أن هذا المقطع كان يُشير إلى يهوشوا. لكنّ الأمر لم يكن كذلك.
ولنتوسّع أكثر، أقول إننا كلما كنا نواجه هذه التعابير الاصطلاحية، كنا نفترض أنه عندما تقول إن يهوشوا "جاء إلى العالم"، كان هذا يعني أنه حرفيًا، وجسديًا، ترك مسكنه في السماء وجاء إلى الأرض.
لكن الآن وقد عَلمنا أن هذا في الواقع تعبيرٌ اصطلاحي، علينا أن نتساءل: أهذا ما قصده كُتّاب الكتاب المقدس حقًا؟ وهل كان هذا ما سيفهمه جمهورهم اليهودي في القرن الأول؟
سامي صابر: أسئلة سديدة. أفترض لا.
يوسف راضي: أنت محق.
لكن قبل أن نكمل، أظن أنه من المهم توضيح فكرة الوجود السابق.
سامي صابر: أفترض أن اليهود لم يؤمنوا بأي وجود سابق، أليس كذلك؟
يوسف راضي: بل فعلوا ذلك. نوعًا ما. ولكن ليس بالطريقة نفسها التي عرّف بها آباء الكنيسة الأوائل الوجودَ السابقَ وعلّموه. علّم آباء الكنيسة – الذين كانوا يؤمنون بالثالوث – أن للمسيح وجودًا سابقًا حرفيًا قبل تجسده (اتخاذه جسدًا بشريًا) في رحم مريم.
إنّ مفهوم الوجود السابق العبري، كما ورد في الكتاب المقدس، مختلف تمامًا. بالنسبة إلى اليهودي، الوجود السابق الوحيد هو ما يوجد في ذهن يهوه. إنه عِلمه السابق.
أحضرتُ كتابًا فيه اقتباسٌ أودُّ أن تقرأه لنا. تفضّل. إقرأ العنوان.
سامي صابر: فلنرَ… "يسوع في ضوء العقيدة المسيحية". يبدو مثيرًا للاهتمام.
يوسف راضي: كتبه Kegan A. Chandler، وهو مؤلف ومؤرخ كنسي.
انتقل إلى الصفحة ثلاث مئة وإثنين وأربعين وأقرأ لنا الفقرة المعلَّمة.
سامي صابر: حسنًا…
"ما سنسميه النظرة اليهودية الكلاسيكية للوجود السابق يختلف اختلافًا كبيرًا [عن الوجود السابق الحَرفي في الفلسفة اليونانية]. لم يكن أقدم مفهوم عبري بالمعنى الحرفي والوجودي لليونانيين؛ بل كان موجودًا فقط في "علم الله السابق" أو "تقديره السابق". بهذا المعنى، وُجدت الشخصيات والأشياء والرموز المهمة أولًا في السماء مع الله قبل أن تتحقق في أوقاتها المحددة. لم تكن هذه الأمور موجودة حرفيًا وماديًا في بُعد بعيد، بل تصوّرها الله شخصيًا في خطته الأبدية للكون."
يوسف راضي: المسيحية الحديثة شديدة التأثّر بالفلسفة الوثنية، إذ تأثر آباء الكنيسة كثيرًا بالفلاسفة الوثنيين أمثال أفلاطون وهيراقليطس. حتى فِيلون، اليهودي، تأثر بشدة بالفلسفة الوثنية. كل ذلك عَلّم أن لكل أمر وجودًا سابقًا قبل وجوده الفعلي.
سامي صابر: حتى البشر؟
يوسف راضي: حتى البشر. علّموا أن للبشر أرواحًا خالدة، موجودة في السماء قبل أن تتجسد في أجساد بشرية.
سامي صابر: يمكنك أن ترى ذلك في فكرة أن الأطفال هم ملائكة صغار في السماء قبل أن يولدوا في العالم.
يوسف راضي: بالتأكيد! الأفكار والفلسفات الوثنية متغلغلة في المسيحية الحديثة. ثمة روابط بين المسيحية الحديثة والوثنية القديمة، أكثر من الروابط بين المسيحية الحديثة والمسيحية الرسولية.
القديس يوستينوس الشهيد، أحد الآباء الرسوليين…
سامي صابر: "الآباء الرسوليين؟" هل تقصد آباء الكنيسة؟ لستُ مُلِمًّا بهذا المصطلح.
يوسف راضي: قد يتداخلان بعض الشيء، لكنّ الآباء الرسوليين كانوا أقدم. ينبغي عدم الخلط بينهم وبين الرسل. لم يكن الآباء الرسوليون هم الرسل، لكنهم عرفوا واحدًا أو أكثر من الرسل أو تأثروا بهم بشكل مباشر. عاشوا في القرنين الأول والثاني. لكن مجرد تأثرهم بالرسل لا يعني أنهم لطالما كانوا على صواب.
كان يوستينوس الشهيد أبًا رسوليًا من القرن الثاني. وكان أوّل الآباء الأوائل الذين طبّقوا تعاليم فيلون عن الكلمة الأزلية غير الشخصية على فكرة الوجود السابق للمسيح. في الواقع، نشأت فكرة الكلمة مع أفلاطون، لذا ترى أنها مشبعة بالوثنية والفلسفة الوثنية.
سامي صابر: نعم، يبدو أنه كلما ابتعدتَ عن المسيحية الرسولية، كلما لاحظت المزيد من الاختراقات من الفلسفة الوثنية.
يوسف راضي: هذا ما تلاحظه بالضبط. لكن، ما علينا فهمه هو أن "لوغوس" يهوه، بالنسبة إلى المسيحيين الرسوليين، لم يكن مجرد نظرية أفلاطونية، بل كان يشير إلى أفكار يهوه وخططه البعيدة المدى كما عُبِّر عنها بالكلمات.
وفكرة أن "الله" سيتجسد في رحم عذراء؟ تتعارض تمامًا مع النظرة اليهودية للعالم. لديّ هنا اقتباس أود منك قراءته. إنه من موسوعة الأخلاق والأديان. هلا تقرأه لنا؟
سامي صابر: بالتأكيد. يقول: «لا يرد في العهد القديم أي إشارة إلى التمييز في الألوهية؛ ومن المفارقة أن ترد إما عقيدة التجسد أو عقيدة الثالوث في صفحاته».
يوسف راضي: المفارقة التاريخية، بالطبع، تعني أن تنتمي إلى حقبة زمنية مختلفة، أي أن هذا الاعتقاد يعود إلى حقبة زمنية مختلفة. لم ينشأ في العهد القديم، بل جاء في وقت لاحق طويل، ونعلم من أين جاء، تحديدًا من الوثنية.
سامي صابر: وبحلول القرن الرابع، بموجب مجمع نيقية، كانت المسيحية قد تعرضت للفساد الكامل.
يوسف راضي: ومع ذلك، مجمع نيقية هو الذي يشكّل الأساس للمسيحية الحديثة.
هل ترى هذا الكتاب هناك؟ كتاب " التجسد والأسطورة: استمرار النقاش" ؟ إفتح الصفحة مئة وثلاثة وأربعين واقرأ الكلمات المسطرة؟
سامي صابر: "من تحيّز الأرثوذكسية تجاهل المصطلحات الوسطى باستمرار. فالكنيسة الأولى لم تنظر إلى يهوشوا على أنه الله الابن، بل على أنه الإنسان الذي أقامه يهوه و[كلّف] الروح القدس بسكبه على الكنيسة."
يوسف راضي: إذًا، السؤال هو: كيف فسّر يهود ومسيحيو القرن الأول عبارة "جاء إلى العالم"؟ وماذا يعني ذلك لهم؟
سامي صابر: سنناقش ذلك عندما نعود.
إعلان
تُترجَم التعابير الاصطلاحية بشكل سيئ. فما يبدو منطقيًا في لغة ما قد يكون مُربكًا، إن لم يكن مُضحكًا للغاية، في لغة أخرى. ويُعتبر هذا الأمر معقدًا إذا كان التعبير الاصطلاحي يرد في الكتاب المقدس وفُقد معناه في أثناء الترجمة. من الأمثلة العبرية الشائعة "العين الشريرة". قال المسيح: إذا كانت عيننا شريرة، فعلينا أن نقتلعها! من الواضح أنه كان يتحدث مجازيًا لا حرفيًا. ولكن، يمكن تعلّم الكثير، عندما نفهم أن "العين الشريرة" كانت مثالًا عبريًا للأنانية.
تستكشف الحلقة مئة وخمسون، وعنوانها: "العين الشريرة"، عددًا من آيات الكتاب المقدس التي كانت غامضة سابقًا والتي تستخدم هذا المصطلح. إنها دراسة شيقة. انضموا إلى سامي ويوسف وهما يطبقان هذا التعريف على الكتاب المقدس. ابحثوا عن "العين الشريرة"، على موقعنا WorldsLastChance.comarabic
الجزء الثاني
سامي صابر: فلنتحدث الآن عن المعنى الحقيقي لهذه التعابير العبرية التي لم أكن أعرف حتى أنها تعابير.
بالنسبة إلى الإسرائيلي من القرن الأول، ما معنى "المجيء إلى العالم"؟
يوسف راضي: ليس لدينا تعبير معادل في لغتنا – أعرف ذلك لأنني بحثت عنه على غوغل بدافع الفضول – ولكنه يعني ببساطة الولادة والوجود.
سامي صابر: هذا لا يعني أن يكون لديك وجود خارج هذا العالم وأن تتجسد في جسد بشري.
يوسف راضي: إطلاقًا. وكتعبير اصطلاحي، استُخدم للتعبير عن أمور أخرى أيضًا، وليس للإشارة إلى ولادة المسيح فحسب.
مثلًا، استخدم يهوشوا هذا المثل لتحذير تلاميذه من المشاعر الجياشة التي سيشعرون بها بعد موته وقيامته. شبّهها بمشاعر الأم التي أنجبت طفلها للتو.
انتقل إلى يوحنا السادس عشر واقرأ الآيتين الواحدة والعشرين والثانية والعشرين.
قبل تلك الآيتين، في الآية السادسة عشرة، قال يهوشوا: "بَعْدَ قَلِيل لاَ تُبْصِرُونَنِي، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيل أَيْضًا تَرَوْنَنِي"، وبطبيعة الحال، ارتبك التلاميذ من هذا الكلام، فشرح لهم ما قصده. تفضل..
سامي صابر: "اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ كَذلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ"
نعم… زوجتي لن توافق على هذا. فمولودنا البكر كان على وشك أن يكون الأخير.
يوسف(ضاحكًا): أرى أن فرحة الطفل أدت في النهاية إلى إنجاب طفل ثانٍ.
استخدم بولس التعبير نفسه في رسالته إلى تيموثاوس. عد إلى تيموثاوس الأولى، السادس الآية السابعة، واقرأها.
سامي صابر: "لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ.."
يوسف راضي: مرة أخرى، إنها إشارة واضحة إلى الولادة، لكنّ استخدامها هنا يُظهر أنها تُستخدم حصريًا لوصف ولادة يهوشوا.
استخدم المخلص نفسه هذه العبارة في حديثه مع بيلاطس. إقرأ يوحنا الثامن عشر الآية السابعة والثلاثين.
سامي صابر:
فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟» أَجَابَ يَهوشوا: «أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي».
يوسف راضي: ما يفعله المسيح هنا هو استخدام "التوازي الترادفيّ". وهو أسلوب أدبي يعني ببساطة إعادة صياغة ما قلته للتو، باستخدام كلمات مختلفة لتوصيل الفكرة. فهو يكرر نفسه: " لهذا وُلدتُ… لهذا أتيتُ إلى العالم". هذا يُشير إلى أن "الولادة" مرادفة لمعنى المجيء إلى العالم.
يُعبّر عن هذه الفكرة نفسها في محادثة دارت بين يهوشوا ومرثا بعد موت لعازر. فلنقرأها: يوحنا الحادي عشر الآيات الرابعة والعشرين حتى السابعة والعشرين.
سامي صابر: قَالَتْ لَهُ مَارْثَا: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». قَالَ لَهَا يَهوشوا: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟»
قَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ ياه، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ».
يوسف راضي: كلمات مارثا هنا مثيرة للاهتمام. من الواضح أنها لا تُقرّ بالفكرة التي روّج لها القديس جاستن الشهيد بعد مئتي عام، وهي أن للمسيح وجودًا سابقًا قبل تجسده. بل تُشير إليه بـ "المسيح". وهذا هو المقابل اليوناني للكلمة العبرية "المسيح". تقول إنها تَعلم أنه ممسوح يهوه، وحان وقته ليقوم بعمله. لهذا السبب وُلد: وُلد لوقتٍ مُحدد – ولعملٍ مُحدد – كما جاء ليقوم به. وهي لا تقول إنه سافر عبر الفضاء ليصل إلى الأرض.
كذلك كان حال الخمسة آلاف عندما أطعمهم يهوشوا. رأوا في يهوشوا مَن أشارت إليه جميع النبوءات، الذي وُلد ليُتمم رسالة. اقرأ يوحنا السادس الآيتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة.
سامي صابر:
فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يهوشوا قَالُوا: «إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»
يوسف راضي: ولد ليكون المسيح، ولم يتجسد من وجود سابق ليكون المسيح.
سامي صابر: هل يُستخدم هذا المثل مجازيًا؟ سيكون من المثير للاهتمام معرفة ذلك.
يوسف راضي: سؤالٌ رائع. نعم، في الواقع. اقرأ روميَة الثاني عشر الآية الثانية عشرة.
سامي صابر: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.—"
يوسف راضي: يبدو قطع الجملة غريبًا بعض الشيء، لكنّ بولس يكتب جملًا طويلة. على أي حال، يمكنك أن ترى كيف يقول بولس في هذا السياق إن "الخطيئة" دخلت العالم. وُلدت، وظهرت في هذا العالم. لم تَطْفُ خارج العالم. بل دخلت هذا العالم، هذه السماء التي خلقها يهوه بمعصية آدم وحواء.
سامي صابر: هذا مثير للاهتمام.
ماذا عن عبارة "ليس من هذا العالم"؟ مرة أخرى، لطالما أخذتها حرفيًا.
يوسف راضي: هذا يُشبه إلى حد ما عبارة "أتى إلى هذا العالم". ولكن بصيغة معكوسة. يفترض كثير من المؤمنين خطأً أن هذه العبارة تدعم إيمانهم بوجود يهوشوا المسيح قبل وجوده الفعلي. لكن مجددًا، هذه مجرد عبارة اصطلاحية. ولا يُمكن فهم التعابير الاصطلاحية حرفيًا!
سامي صابر: هل يمكننا أن نطّلع على حيث تستخدم هذه العبارة ضمن السياق؟
يوسف راضي: بالتأكيد! انتقل إلى يوحنا السابع عشر. هذا مقطعٌ قبل خيانة يهوشوا في جثسيماني. كان يُخاطب الآب، فماذا يقول؟ اقرأ الآيات الثالثة عشرة حتى السادسة عشرة.
سامي صابر: حسنًا…
أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْكَ. وَأَتَكَلَّمُ بِهذَا فِي الْعَالَمِ لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلاً فِيهِمْ.
أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كَلاَمَكَ، وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ، كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ،
لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ.
لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ.
يوسف راضي: هل تُذكر كلمة "السماء" في أي مكان في هذا المقطع؟
سامي صابر: أوه… لا، في الواقع.
يوسف راضي: ليس هذا ما يتحدّث عنه. إنه لا يدّعي أنه من السماء أو فيها. بل إن ما يقوله هو أنه ليس جزءًا من نظام العالم، وليس جزءًا من آليّة عمل الأمور هنا على الأرض.
سامي صابر: كيف استخلصت ذلك؟
يوسف راضي: لأنه كلما استخدم يهوشوا عبارة "ليس من هذا العالم" في هذا المقطع، يُطبّق ذلك أيضًا على المؤمنين. لذا لا يُمكن القول إن هذه العبارة تُشير حرفيًا، جسديًا، إلى عدم كونه من هذا العالم، لأنه يُطبّقها على أتباعه!
الآية السادسة عشرة: "ليْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ.". هذا واضحٌ للغاية. لكي تكون هذه العبارة صادقةً، وتطبَّق على المؤمنين، لا يعني هذا أن ليهوشوا نقطة بدايةٍ خارج هذا العالم.
سامي صابر: نقطة سديدة. واضح أننا لم نأتِ من السماء، لذا لا يُمكن الاعتبار أن يهوشوا جاء من السماء.
يوسف راضي: بالضبط.
سبق أن قرأتَ حوارَ يهوشوا مع بيلاطس، حيثُ قالَ له "ولدت هنا". إنها الآية السابعة والثلاثون من يوحنا الثامن عشر. لكن، فلنرجع إلى الآية السادسة والثلاثين. ماذا يقول فيها؟
سامي صابر:
أَجَابَ يهوشوا: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا».
يوسف راضي: يفترض الكثيرون أنه هنا، على الأقل، يُمكن إثبات مملكة يهوشوا. لكن مجددًا، هذا افتراضٌ مبنيٌّ على فرضيةٍ خاطئة. فمملكة يهوشوا مملكة روحيٌّة، وليست مادية.
كما تَعلّمنا، يحكم من صعوده إلى مجيئه. وهذا ما تؤكده كورنثوس الأولى الخامس عشر الآية الرابعة والعشرون حيث يكتب بولس، متحدثًا عن المجيء الثاني: "وَبَعْدَ ذلِكَ النِّهَايَةُ، مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ ِللهِ الآبِ، مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ.". بمعنى آخر، يُعيد يهوشوا المملكة إلى الآب. ولذلك، منذ المجيء الثاني فصاعدًا، نُشير إلى مملكة يهوه بدل مملكة يهوشوا.
سامي صابر: هذا منطقي.
يوسف راضي: حسنًا. أريد الاطلاع على جملة أخرى لفهم هذه العبارة أيضًا، وهي "أُرسل إلى العالم".
وضعنا الكثير من الافتراضات حول هذه العبارة. افترضنا أنها تعني أن يهوشوا، في وجوده السابق في السماء، جاء حرفيًا من هذا العالم ليأتي إلى هذا العالم عندما أرسله يهوه.
سامي صابر: افتراضات كثيرة في عبارة صغيرة واحدة!
يوسف راضي: أجل! إنه افتراض وجود سابق. افتراض وجود سابق في مكان آخر، كالسماء مثلاً. افتراض أنه جاء وتجسّد. كل ذلك من عبارة "أُرسل إلى العالم".
لكن هذا ليس ما تعنيه في الواقع. هل أرسل يهوه يهوشوا؟ نعم. ولكن ليس من هذا العالم إلى هذا العالم. ليس من وجود سابق للتجسد في رحم مريم. هذه العبارة تعني ببساطة أن يُرسل جغرافيًا لينفّذ عمل يهوه. هذا كل ما في الأمر.
سامي صابر: إذًا، بهذا المعنى، ليس الأمر حكرًا على يهوشوا، أليس كذلك؟ في النهاية، يُرسَل المؤمنون لتنفيذ مشيئة يهوه.
يوسف راضي: بالضبط. هذا ما كنت سأقوله تاليًا. المؤمنون مُرسلون كما أُرسل يهوشوا. نحن أيضًا مُرسلون للقيام بعمل يهوه. يهوشوا نفسه قال ذلك!
فلنعد مجددًا إلى يوحنا السابع عشر. قبل دقائق، قرأنا الآيات الثالثة عشرة حتى السادسة عشرة حيث كان يهوشوا يصلي، قائلاً إن المؤمنين ليسوا من هذا العالم، كما أنه ليس من هذا العالم.
إقرأ الآيات اللاحقة، الثامنة عشرة حتى الواحدة والعشرين. ماذا تقول؟
سامي صابر: كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ، وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ. «وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.
يوسف راضي: إذًا، فإن "الإرسال" هو، في جوهره، تكليفٌ بأداء عملٍ ما. إنه تكليفٌ للقيام بعمل يهوه في العالم. عندما يصلي يهوشوا ليرسِل أيضًا مؤمنين إلى العالم، فإنه يقول إنه أرسلهم بالطريقة عينها التي أرسله بها يهوه. لقد كُلِّف يهوشوا للقيام بعملٍ عظيمٍ ليهوه، والمؤمنون كذلك.
سامي صابر: هذه هي الإرسالية الكبرى حرفيًا. استمع إلى التالي، إنه… مرقس السادس عشر… الآيتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة. تقولان: "أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا."
إنه يرسلهم حرفيًا.
يوسف راضي: أنت محق. مثال جيد. وهذه الفكرة تتكرر في يوحنا عشرين. هلا تقرأ الآيات الواحدة والعشرين حتى الثالثة والعشرين؟
هذا مقطع مهم، لأنه المساء الذي تلا قيامة المسيح، وهو يُخبر تلاميذه عن العمل الذي عليهم القيام به من أجله.
سامي صابر:
فَقَالَ لَهُمْ يهوشوا أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».
يوسف راضي: لفهم ما يقوله الكتاب المقدس حقًا، علينا أن نعود ونتساءل: كيف كان لعقل يهودي من القرن الأول، لا يتقن الأفكار الأفلاطونية الوثنية، أن يفسر هذه العبارات؟ لأن هذا هو من كُتبت من أجله. ثم جاء آباء الكنيسة اللاحقون وأضافوا تفسيراتهم الخاصة المتأثرة بالوثنية إلى هذه المقاطع، ولكن ذلك كان لاحقًا.
عندما تتناول هذه العبارات حرفيًا، وتحاول فرض إيمانك بمسيح إلهي سابق الوجود، فأنت تقبل لاهوتًا أفسدته الوثنية. عليك أن تعود بالزمن إلى بدايات المسيحية. لم تؤمن المسيحية الرسولية الأصيلة بمسيح سابق الوجود حرفيًا، كما لم تؤمن بألوهية يهوشوا. ما يُسمى "بالوجود السابق" الوحيد الذي اعترفوا به هو الخطط التي كانت في ذهن يهوه.
سامي صابر: إرميا التاسع والعشرون الآية الحادية عشرة تقول: " لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ يهوه، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً.".
يوسف راضي: أرأيت؟ هذا رائع! هذا هو النوع الوحيد من "الوجود السابق" الذي آمن به المسيحيون الأوائل.
يدعم كُتّاب الكتاب المقدس الآخرون هذا التفسير. فلنقرأ ما قاله بطرس. عد إلى بطرس الأولى، الأول، واقرأ الآيتين العشرين والواحدة والعشرين.. فهما تصفان المسيح. إبدأ حالما تجدها.
سامي صابر: بطرس… بطرس… بطرس.
يوسف راضي: مباشرة بعد رسالة يعقوب.
سامي صابر: أنت مفيد جدًا!
يوسف راضي: لو حفظتَ أناجيل الكتاب المقدس، لكان سهُل العثور عليها.
سامي صابر: حفظتُ العهد القديم، لكنني لم أحفظ العهد الجديد.
حسنًا. ها نحن ذا: بطرس الأولى، الأول، الآيتان العشرون والواحدة والعشرون. تقولان:
"مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِيهوه الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي يهوه.".
يوسف راضي: ونقطة أخرى. هذه من مقطع مشهور جدًا في رسالة بولس الرسول. اقرأ تيموثاوس الأولى، الآية الخامسة عشرة.
سامي صابر: "صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَهوشوا جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا.."
يوسف راضي: ختامًا، أقول إن هذا هو سبب أهمية التعمق في كلمة ياه. فنحن لا نكتسب رؤى جديدة وفهمًا أعمق فحسب كلما غصنا في الكلمة، إنما ننظر أيضًا في معنى هذه العبارات التي لطالما فسرناها حرفيًا! والتي أثرت على لاهوتنا كثالوثيين علمًا أن ذلك خاطئ. لكننا الآن نعرف الحق.
سامي صابر: لا يمكننا الاطمئنان والشعور بالرضا، مفترضين أننا نملك كل الحق الضروري للخلاص.
يوسف راضي: إطلاقًا. لن نعرف كل الأمور قبل عودة يهوشوا. أمامنا الكثير لنتعلمه وندرسه، لذا ابدأ بالبحث! هناك المزيد من الحق لاكتشافه!
سامي صابر: آمين!
في البريد اليومي، نتناول كيفية التأثير في مَن ليس لديهم خلفية في المسيحية، أو حتى في أيٍّ من الديانات الإبراهيمية. تابعونا لمعرفة المزيد.
منتصف البرنامج
أنتم تستمعونَ إلى راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة"!
راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة": نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة!
إعلان
هل تعرفون شخصًا لا يحب القراءة ولكنكم ترغبون في مشاركة الحق معه؟ لدى موقع فرصة العالم الأخيرة آلاف مقاطع الفيديو التي تُغطي مجموعة واسعة من المواضيع بدءًا بتحقيق النبوءات إلى الحياة التقيّة وغيرها. وتحتوي هذه المقاطع على معلومات مهمّة للمؤمنين كلهم.
كما أن مقاطع الفيديو الخاصة بنا متاحة بأكثر من ثلاثين لغة مختلفة! للوصول إليها بلغات أخرى، ما عليكم سوى الانتقال إلى WorldsLastChance.com/videos والنقر على العلم المناسب الذي يمثل اللغة التي تريدها. ثم اختيار مقطع الفيديو الذي تريده.
رغم إزالة الكثير من محتوى WLC غير الناطق باللغة الإنجليزية من اليوتيوب، إلا أنه لا يزال بإمكانكم الوصول إلى المواد بلغات أخرى بالانتقال إلى موقعنا على الويب. مع أكثر من ألف مقطع فيديو، من المؤكد أن أمرًا ما سيثير اهتمام الجميع. تحققوا منه اليوم على WorldsLastChance.com/videos.
البريد اليومي
سامي صابر: سؤال اليوم من مصدر الماس الأساس للكرة الأرضيّة. وعلى مدى ألف عام، كان المكان الوحيد في العالم بأسره الذي يستخرج الماس.
يوسف راضي: جنوب أفريقيا! أو ربما أفريقيا فحسب.
سامي صابر: وهو أكثر الأماكن رطوبة على وجه الأرض.
يوسف راضي: رطوبة؟ لا أعلم. أعتقد أنها جزيرة، ولكن ليس إذا كانت المصدر الوحيد للماس في العالم لألف عام.
لا أعلم. أستسلم. ما البلد؟
سامي صابر: الهند!
يوسف راضي: حقاً؟ تتمتع الهند بثقافة جميلة وفريدة من نوعها.
سامي صابر: إنهم فائقو الذكاء. أصل الجبر وعلم المثلثات وحساب التفاضل والتكامل من الهند.
يوسف راضي: إذن لم يكن الشيطان؟ اعتقدت أن الشيطان هو من قرر إضافة الأبجدية إلى الرياضيات.
سامي صابر: فعل ذلك من أجلك فقط، يا يوسف، لأنه يحبك كثيرًا!
على أيّ حال، دانوش Danush من Puri، الهند لديه سؤال رائع جعلني أتساءل لماذا لم أفكر مطلقًا في طرح هذا السؤال من قبل. يقول: "سلام أيها الإخوة باسم يهوه. هنا، الهند، مسقط رأس أربع ديانات رئيسة وهي: الهندوسية والسيخية والبوذية واليانية. كما يعيش الكثير من المسلمين في الهند. سؤالي هو: ما هي أفضل طريقة للشهادة لهذه الجماعات غير المسيحية؟ مع الإسلام، لدينا على الأقل قاسم مشترك "إله إبراهيم"، لكن ليس مع هذه الديانات الأخرى. هل تتوفر أي طريقة للتقرّب منهم من دون التسبب لهم بالإساءة؟ هل هناك ما ينبغي تجنبه؟ "
يوسف راضي: سؤال رائع، فهو يُظهر قدرًا كبيرًا من الحكمة لأن Danush محق: ثمة طرق جيّدة وفعّالة للشهادة، وثمة طرق أخرى يمكن أن تسبب الإهانة. لذا، فلنتحدث أولاً عما يجب عدم تتبعه في الشهادة أولاً، ثم سننتهي بما يصلح فعله، لأنه الأكثر أهمية.
لقد لاحظتُ أن إحدى الطرق التي يحاول بها المؤمنون أحيانًا أن يشهدوا لغير المؤمنين هي السخرية.
سامي صابر: حقا؟
يوسف راضي: لا يسمونها كذلك. ولكن في الأساس، هذه هي التقنية المستخدمة. ما يفعلونه هو أنهم يدرسون دينًا معينًا ثم يركزون على معتقد أو عقيدة يؤمن بها هذا الدين. وعادةً ما تبدو- بالنسبة إلينا – سخيفة. سيطرحون أسئلة حولها ويستخدمونها لمحاولة إحراج الشخص كما لو أنه من خلال إحراجه أو إحراجها، يمكنهم إجبار الشخص على الاعتراف بأن معتقداته أو معتقداتها سخيفة.
سامي صابر: أعتقد أن العمليّة لا تنجح أبدًا.
يوسف راضي: هل ستكون منفتحًا على الاستماع إلى شخص يسخر من معتقداتك؟
سامي صابر: بالطبع لا.
يوسف راضي: يجب ألا تُستخدم هذه التقنية أبدًا. فهي تسبب الإهانة وتدفع الأشخاص المخلصين بعيدًا عن الحق. ولطالما كان المسيح حريصًا على كرامة الآخرين وعاملهم وفقًا لذلك.
ثمة طريقة أخرى أكثر شيوعًا للشهادة وهي اختيار مقطع من الكتاب المقدس يتعارض مع معتقدات الشخص الآخر. يتم مشاركته مع الآخر ويعتبر "دليلا" قاطعاً على تفوق معتقدات المسيحيين، وعلى أن معتقدات الآخرين سخيفة وخاطئة.
سامي صابر: نعم، هذه طريقة شائعة جدًا للشهادة.
يوسف راضي: ولكنها غير مجدية أيضًا! فنحن نؤمن بأن الكتاب المقدس هو كلمة موحى بها من ياه، لكن هم لا يفعلون ذلك. لماذا عليهم ذلك؟
فلنفترض أن المسلم يريد أن يطلعك على سورة من القرآن. هل هذا يؤثر فيك أو ذو أهمية بالنسبة إليك ؟
سامي صابر: لا!
يوسف راضي: الأمر سيان بالنسبة إلى غير المؤمنين والكتاب المقدس. فإخبارهم بأنهم مخطئون لأن الكتاب المقدس يقول ذلك لن يكون على أدنى قدر من الإقناع. كل ما سيفعلونه هو التركيز على الخروج بحجة ما ردًا على ذلك ثم يبدأ الإشكال. إنه مثل كرة مضرب الكتاب المقدس أو شيء من هذا القبيل، إذ يتم تقاذف الحجج ذهابًا وإيابًا وتزداد احتداما كلما طال وقتها.
سامي صابر: ولا أحد يقنع أيّ شخص آخر!
يوسف راضي: ذلك ليس هدرًا للوقت فحسب، إنما في الواقع يسيء تمثيل يهوه في الروح التي أثيرت أيضًا.
الكتاب المقدس نفسه يحذّر من هذا النوع من الجدل تحت ستار "الشهادة". انتقل إلى تيموثاوس الثانية، الثاني واقرأ لنا الآية الرابعة عشرة.
سامي صابر: فَكِّرْ فِي هذِهِ الأُمُورِ، مُنَاشِدًا قُدَّامَ ياه أَنْ لاَ يَتَمَاحَكُوا بِالْكَلاَمِ. الأَمْرُ غَيْرُ النَّافِعِ لِشَيْءٍ، لِهَدْمِ السَّامِعِينَ.
يوسف راضي: لا نريد تحمل مسؤولية فقدان الأرواح، ولكن هذا ما يفعله الجدال على الحق.
سامي صابر: هذا يذكرني بما يقوله مسيحيون كثيرون عندما يعارضون خيارات شخص آخر. سيصرون قائلين "أنا أحبك ؛ لكنني أكره خطيئتك فقط "، وكأن هذا يحسّن الأمور. لكنّ المسيح لم يقل مثل هذه الأمور.
مثل هذه العبارات تُشعِر الشخص المتلقي بإلقاء الأحكام عليه وإدانته. هذا ليس ما فعله المسيح. فقد قبل الأشخاص على ما كانوا عليه.
يوسف راضي: التنديد وإطلاق الأحكام والجدل. لن يجذبوا أحدًا إلى يهوه. انتقل الآن واقرأ الآيات الثالثة والعشرين حتى السادسة والعشرين من الأصحاح عينه.
سامي صابر: وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ، وَعَبْدُ يهوه لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ، مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ يهوه تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.
يوسف راضي: عرف بولس ما كان يتحدث عنه. فقد وقع هو نفسه في فخ محاولة إقناع الناس بقوة الجدل المطلقة.
انتقل إلى الأعمال السابع عشر وابدأ بالآية السادسة عشرة.
سامي صابر:
وَبَيْنَمَا بُولُسُ يَنْتَظِرُهُمَا فِي أَثِينَا احْتَدَّتْ رُوحُهُ فِيهِ، إِذْ رَأَى الْمَدِينَةَ مَمْلُؤَةً أَصْنَامًا. فَكَانَ يُكَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ الْيَهُودَ الْمُتَعَبِّدِينَ، وَالَّذِينَ يُصَادِفُونَهُ فِي السُّوقِ كُلَّ يَوْمٍ. فَقَابَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيكُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ…
يوسف راضي: لذلك اعتقد بولس أنه يستطيع إقناع اليونانيين من خلال "التفكير" معهم. وكيف استجابوا؟
سامي صابر: بدأوا بالنقاش معه.
يوسف راضي: وقد بولس أكمل النقاش، كونه بولس. فهو كان فريسيًا ويحسن الجدال! تابع القراءة.
سامي صابر:
وَقَالَ بَعْضٌ: «تُرَى مَاذَا يُرِيدُ هذَا الْمِهْذَارُ أَنْ يَقُولَ؟» وَبَعْضٌ: «إِنَّهُ يَظْهَرُ مُنَادِيًا بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ». لأَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُهُمْ بيهوشوا وَالْقِيَامَةِ. فَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى أَرِيُوسَ بَاغُوسَ، قَائِلِينَ: «هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ الَّذِي تَتَكَلَّمُ بِهِ. لأَنَّكَ تَأْتِي إِلَى مَسَامِعِنَا بِأُمُورٍ غَرِيبَةٍ، فَنُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ». أَمَّا الأَثِينِوِيُّونَ أَجْمَعُونَ وَالْغُرَبَاءُ الْمُسْتَوْطِنُونَ، فَلاَ يَتَفَرَّغُونَ لِشَيْءٍ آخَرَ، إِلاَّ لأَنْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَسْمَعُوا شَيْئًا حَديثًا. فَوَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَثِينِوِيُّونَ! أَرَاكُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنَّكُمْ مُتَدَيِّنُونَ كَثِيرًا، لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ، وَجَدْتُ أَيْضًا مَذْبَحًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ: «لإِلهٍ مَجْهُول». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ، هذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ. (الأعمال 17: 18ب-23)
هل أتابع؟
يوسف راضي: لا. هذا يكفي. لذا يفكر بولس معهم، ويقدم كل الحجج المنطقية تمامًا بالنسبة إليه. وماذا كانت النتيجة؟ الآية الثانية والثلاثون.
سامي صابر: وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ، وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هذَا أَيْضًا!».
يوسف راضي: نعم، كان هناك من يقبل الرسالة رغم طريقة توصيلها. لكنه لم يحقق النجاح الباهر الذي توقعه بولس. والأمر المثير للاهتمام هو أنه لا يرد في أي مقطع من الكتاب المقدس أن بولس حاول الاستعانة بهذه الطريقة في الشهادة مرة أخرى.
سامي صابر: إذن، هذا ما لا يفترض بنا أن نفعله. ما هو العمل الصائب إذن؟ كيف نبلغ غير المسيحيين بالإنجيل؟
يوسف راضي: أفضل طريقة برأيي لأشهد حقًا لأي شخص، ولكن بشكل خاص لغير المسيحيين، هي ببساطة طرح أسئلة حول الموضوعات والقضايا التي يرغبون في مناقشتها. دع أسئلتك تقودهم بلطف إلى نقطة ما تبرهن أن معتقداتهم تتعارض مع نفسها.
سامي صابر: كيف تفعل ذلك؟
يوسف راضي: يتطلب الأمر بعض الدراسة. سيتعين عليك قضاء بعض الوقت في اكتشاف ما يؤمنون به بالضبط. تذكر، كما قلنا، جميع الأديان الباطلة – وهذا يشمل جميع الطوائف المسيحية المنظمة – تحتوي على بعض الأخطاء تمامًا لأنها تحتوي على بعض من الحقائق.
غالبًا ما تتعارض العقيدة الدينية مع العقيدة التنظيمية. لكنّ الأمر يتطلب التزامًا من جانبك لدراسته وتحديده. دعهم يشرحون لك هذه العقائد. أنت ببساطة تستمع إليهم، نوعًا ما مثل الصحفي. دعهم يشرحون كل الآثار المترتبة على كل عقيدة. وعندما تحدد عقيدة دينية تتعارض وإحدى عقائدهم التنظيمية، فأنت تسألهم ببساطة عن مذاهبهم المعلنة التي تريد تصديقها. لأن النتائج الطبيعية لاعتقاد ما سوف تتعارض دائمًا مع النتائج الطبيعية لبعض المعتقدات الأخرى.
سامي صابر: لذلك عندما لا تستطيع تصديق كلتا العقيدتين في الوقت عينه، لقبول إحداهما، عليك رفض الأخرى.
يوسف راضي: مع من يمكنهم الجدال لاحقاً؟ ليس معك! أنت ببساطة تُظهر اهتمامًا وتطرح أسئلة… لطيفة! لا تتطفل، ولا تعاملهم بفوقيّة، ولا تسخر منهم. أنت تطرح الأسئلة اللطيفة المهمة.
ثم يتجادلون، ويتقاذفون الكلام اللفظي مع أذهانهم ومع قادتهم الروحيين.
سامي صابر: واو، هذا رائع! لأنه، حتى بعد رحيلك، يبقى الجدل قائمًا في أذهانهم. لا أحد يحب التنافر المعرفي للمعتقدات المتناقضة مع الذات.
أتحدث عن نفسي، عندما أجد نفسي في هذا الموقف، فإنه يزعجني ويضايقني حتى أتمكن من التوصّل إلى حل.
يوسف راضي: وهذا ما سيحدث معهم أيضًا. إذن – مرة أخرى، كن مؤدبا، لا تشمت بالآخر- يمكنك أن تقول بأدب، "عندما تتوصل إلى إجابة، أخبرني."
الإجابة التي يتوصلون إليها، إذا كانت أي إجابة صادقة فكريًا، ستكون الإجابة التي تتعارض مع دينهم أو الموقف الذي يتخذه قادتهم الدينيون. لقد وصلوا إلى هذا الموقف. لم ترغمهم على ذلك. بمجرد وصولهم إلى هذه المرحلة، سيكونون أكثر انفتاحًا للاستماع إلى ما تريد مشاركته.
سامي صابر: الأمر منطقي جدًا لأنه دائمًا ما يكون من الأسهل على شخص ما دراسة معتقداته أو معتقداتها أكثر من دراسته الأفكار الجديدة.
يوسف راضي: ومن الأسهل أن تدفع الشخص ليؤكد عقيدة يؤمن بها أصلًا- لأنه، تذكر: جميع الأديان تتضمن بعض الحق- بدل إقناعه بأن يؤمن بالعقائد التي نشأ على رفضها ويقبلها.
سامي صابر: يروقني كيف أن هذه الطريقة تسمح للروح القدس بالإقناع. أنت تزرع بذرة فقط ولكن الروح القدس هو الذي سيفتح أذهانهم ليروا الحق.
يوسف راضي: هل تتذكر ما قاله يهوشوا في عظة الجبل؟ قال، "«لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ،" [متى٦: آية ٢٤]
سامي صابر: لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ.
يوسف راضي: من الواضح أنه كان يتحدث عن هوس الكثيرين بالمال. لكن المبدأ ينطبق على سادة آخرين أيضًا. قد تبدأ بالتفكير في أنه يمكنك أن تخدم شخصين، ولكن، كل شخص صادق فكريًا، سيتعيّن عليه في النهاية تحديد خياراته. وإذا كان هؤلاء "السادة" هم في الواقع معتقدان متضاربان، أو عقيدة دينية تتعارض مع جزء من العقيدة التنظيمية، فسيضطر للاختيار بين إلهه وقادته الدينيين.
سامي صابر: هذا يذكرني بالاقتباس الذي شاركه الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن والذي يقول، "عندما يكتشف رجل نزيه أنه مخطئ، إما أنه سيتوقف عن ارتكاب الخطأ أو أنه لن يبقى صادقاً" أو أمر من هذا القبيل.
يوسف راضي: هذا صحيح. أصبت. إذا رفض الحق، فهو لن يبقى صادقًا. ولكن إذا قبل الحق، فلم يعد مخطئًا. في كلتا الحالتين، سترى ما هو اختياره.
تتميّز هذه الطريقة أيضًا بكونها الطريقة الكتابية. انتقل إلى كُولُوسِّي، الرابع واقرأ لنا الآيتين الخامسة والسادسة. هذه الطريقة لا تثير الجدل، بل تثير المشاعر السلبية فقط. إنها طريقة مهذبة ومحترمة وتدع الروح القدس يقنع الشخص المعني.
سامي صابر: اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ. لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.
يوسف راضي: والآن انتقل إلى بطرس الأولى، الثالث واقرأ لنا الآيتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة.
سامي صابر: بَلْ قَدِّسُوا المسيحَ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ، وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ.
يوسف راضي: هكذا تصل إلى قلوب الآخرين. تُظهر لهم الاحترام وتعاملهم بكرامة. لا تسخر من معتقداتهم. والروح القدس يقوم بإقناعهم.
سامي صابر: هذا أفضل بكثير! شكرًا على مشاركة هذه التقنية. إنها مذهلة.
التالي ناديا يعقوب في وعد اليوم. إنه وعد خاص لمن يخشى الموت
وعد اليوم
مرحباً! هنا راديو فرصة العالم الأخيرة، معكم ناديا يعقوب في وعد اليوم من كلمة ياه.
عندما كنت طفلة، كان لي شرف التعرف إلى رجل مميز جدًا اسمه Roy Slaybaugh. كان العم Roy، كما كنا نناديه أنا وأخي، بمثابة رابط بالماضي الذي لم أعرفه إلا من خلال الكتب. بالفعل، وُلِد بينما كان والداه يسافران غربًا في عربة!
وكان قصير القامة. أما بنيته، فكانت دليلًا على أنه مصارع محترف من عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. في الواقع، كان العم روي رياضيًا. وإحدى القصص، التي كان يضحك بسببها بعد عقود من وقوعها، حدثت عندما كان في الثامنة عشرة من العمر فقط.
اشترى مزارع محلي مجموعة من الخيول البينة اللون. وكانت هذه الخيول رائعة الجمال وفائقة السرعة، حتى إن مالكها الجديد الفخور كان يحب التباهي بأنها الأسرع في المقاطعة وأثبت عدد من السباقات صحة ادعاءاته.
في أحد الأيام، كان Roy الشاب وصديق له في محطة القطار التي شُيّدت على بعد ميلين خارج المدينة. كان المزارع هناك، يتفاخر مرة أخرى بخيوله التي لا يمكن منافستها. أراد المراهقان تلقينه درسًا لا ينساه. فعرضا عليه السباق إلى المدينة. وقبِل الرجل التحدي إذ كان من الواضح أنه سيفوز.
ما لم يكن يعرفه، وما لم يخبره به المراهقان، هو أنهما كانا في فريق سباقات المضمار والميدان في المدرسة الثانوية المحلية. فهما اعتادا الجري والركض لمسافات طويلة. بدأ السباق، وفي البداية، ركض الشابان بسرعة بجانب العربة. كان ذلك بمثابة إهانة للمزارع، الذي حث خيوله على الجري بشكل أسرع وأسرع. وفي منتصف الطريق تقريبًا، زادا سرعتهما. وركضا بسرعة أكبر. وكذلك الخيول التي كان يقودها المزارع ويحثها على الجري.
وعندما عادوا إلى المدينة، فاز المراهقان بالسباق. لا أعرف مدى تقدم الخيول، لكنّ المسافة كانت واضحة. ركض روي وصديقه إلى المدرسة الثانوية ليستحما ويبدّلا ملابسهما. ما إن عادا إلى شارع ماين، حتى كان كل من إلتقياهما قد سمع القصة وكان يسألهما عنها ضاحكًا. على ما يبدو، كان مالك الخيول غاضبًا لأن خيوله الباهظة الثمن كانت محمومة. وخسرت خيوله التي لا يمكن هزمها أمام المراهقَيْن.
هذه القصة دائما ما تدفعني إلى الابتسامة. ليس لكونها وصفًا دقيقًأ للهزيمة فحسب، إنما لأنني أحب أن أتذكر كيف كان العم روي يضحك في كل مرة يروي فيها تلك القصة. وهي تذكرني بالوعد الذي صاغه بولس قبل وقت قصير من موته. في رسالته الثانية إلى تيموثاوس، أشار بولس إلى موته الوشيك. لم يكن خائفًا. وبدل ذلك، اعتبر موته النصر في نهاية السباق. وفي الرسالة الثانية إلى تيموثاوس الرابع، في الآيتين السابعة والثامنة، كتب: "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا".
هل فهمتم ذلك؟ الوعد ليس لبولس فحسب، بل لي ولكم أيضًا. إنه لكل من يحب ويتطلع إلى عودة المخلص. هناك إكليل البر ينتظر كل من ينهى السباق بأمانة.
لقد مُنحنا وعوداً عظيمة وثمينة. ابدأوا بالمطالبة بها!
الجزء 3
سامي صابر: أشكركم على حسن متابعتكم. إذا استمتعتم ببث اليوم وترغبون في مشاركته مع أصدقائكم أو عائلتكم، فيمكنكم العثور عليه على موقعنا الإلكتروني WorldsLastChance.com/arabic. انقروا على رمز راديو فرصة العالم الأخيرة، واختاروا اللغة التي تريدونها من بين اللغات التسعة المتاحة، ثم انتقلوا إلى الحلقة مئتين وواحد وسبعين وعنوانها: "فك رموز التعابير الاصطلاحيّة اليهوديّة" على: WorldsLastChance.com/arabic.
نأمل أن تتمكنوا من الاستماع إلينا غدًا من جديد. وحتى ذلك الحين، تذكروا: يهوه يحبكم. . . وهو جدير بثقتكم!
تسجيل الخروج
كنتم تستمعون إلى راديو فرصة العالم الأخيرة.
هذه الحلقة والحلقات السابقة من راديو فرصة العالم الأخيرة متاحة للتنزيل على موقعنا. إنها رائعة للمشاركة مع الأصدقاء ولاستخدامها في دراسات الكتاب المقدس! كما أنها مصدر ممتاز لأولئك الذين يعبدون يهوه بمفردهم في المنزل. للاستماع إلى الحلقات التي بُثّت سابقًا، زوروا موقعنا WorldsLastChance.com/arabic وانقروا على رمز راديو فرصة العالم الأخيرة المعروض على صفحتنا الرئيسية.
في تعاليمه وأمثاله، لم يقدّم المخلّص أي "علامات للأزمنة" يجب الانتباه إليها. بدل ذلك، فحوى رسالته كان… اليقظة المستمرة. إنضموا إلينا مرة أخرى غدًا للحصول على رسالة أخرى مليئة بالحق بينما نستكشف مواضيع مختلفة تركّز على عودة المخلّص وكيفية العيش في استعداد دائم للترحيب به بحرارة عندما يأتي.
راديو فرصة العالم الأخيرة: نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة.