WLC Radio
الإنجيل المنسيّ
الحلقة 155
الإنجيل المنسيّ
هنا دبليو بي سي كيو WBCQ، نقدّم اليكم راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة" Worldslastchance.com من مونتيسيلو في ماين في الولايات المتحدة الأميركية.
يتوق كل مسيحي منذ ألفي سنة إلى أن يشهد على رجوع المخلص وتأسيسه لملكوت أبدي على الأرض. وتكشف الأحداث في العالم أن ذلك سيحدث عما قريب. استمعوا إلينا لتتعلموا كيف يمكنكم أن تتحضروا روحياً لمواجهة الأحداث الأخيرة للأرض.
راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة" WLC، نُحضِّرُ الناسَ للعيش في ملكوت يهوه الدنيوي، الذي سيتم تأسيسه عند رجوع المسيح الوشيك!
* * *الجزء 1: (سامي صابر ويوسف راضي)
سامي صابر: مرحباً! أهلاً بكم في راديو فرصة العالم الأخيرة World's Last Chance. أنا مضيفكم سامي صابر، وحضّرنا لكم اليوم حلقة مثيرة للاهتمام. فيوسف راضي سيخبرنا بكل ما يتعلق بالإنجيل المنسيّ. يوسف؟
يوسف راضي: شكراً سامي. هل سبق لك أن عشتَ تجربةَ تَذكُرك أنه يُمفترض بك تذكّر أمر ما، لكنك لم تستطع تذكره؟
سامي صابر: بالتأكيد، وأكره ذاك الشعور. إنه أسوأ بكثير مما لو كنتُ قد نسيتُ الأمر برمته. أشعر أنني أكاد أُصاب بالجنون وأنا أحاول تذكر ما كان يُفترض بي تذكره، ولكنني عاجز تماماً عن ذلك.
يوسف راضي: أفهم ما تعنيه. إنه شعور محبط للغاية. في الواقع، ما أودّ التحدث عنه اليوم هو "الإنجيل المنسيّ". وعندما أقول "الإنجيل المنسيّ"، لا أقصد كتاباً قديماً ضائعاً في مكانٍ ما.
سامي صابر: ماذا؟! ألن تفاجئنا بمقدمة لإنجيل مريم المجدلية أو … لا أعرف. ربما الإنجيل بحسب لعازر؟
يوسف راضي: في الواقع، هناك بالفعل ما يُسمّى "الإنجيل بحسب مريم المجدلية"، ولكنه غير معترف به، إنما ليس هذا ما أقصده. اليوم، أريد مناقشة رسالة الإنجيل نفسها. فنحن نتغاضى عن عنصر مهم جداً فيه، رغم أنه جزء حيوي من رسالة الإنجيل.
إذا سألتُك، أيّ مرجع في الكتاب المقدس يقدّم أفضل تلخيص لرسالة الإنجيل؟ فما سيكون جوابك؟
سامي صابر: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ ياه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
يوسف راضي: يوحنا، الأصحاح الثالث، الآية السادسة عشرة. ممتاز. وأنت محق: فرسالة محبة ياه، كما عَبّر عنها عبر بذل ابنه من أجل خلاص الخطأة، هي في صميم رسالة الإنجيل. ولكن، هناك بُعد آخر للإنجيل، وهذا البعد الآخر هو الذي غرق في النسيان، لأن هذا الجانب من الإنجيل هو ما يحوّلنا إلى صورة ياه: خطأة تائبون، آمنون للخلاص.
سامي صابر: وما هو هذا البُعد الآخر؟
يوسف راضي: ما ورد مباشرة، في الآية التالية. الآية السابعة عشرة في يوحنا الأصحاح الثالث. نحن نقتبس دائماً الآية السادسة عشرة في يوحنا الأصحاح الثالث، لكنني أؤمن بأنه علينا أن نقرأ دائمًا الآية السادسة عشرة ضمن سياق الآية السابعة عشرة في يوحنا الأصحاح الثالث. هل تعرف ما ورد في تلك الآية؟
سامي صابر: أووووه…. (يضحك)
يوسف راضي: حسناً. لا بأس. لماذا لا تبحث عن الآيتين وتقرأهما لنا؟ يوحنا، الأصحاح الثالث، الآيتان السادسة عشرة والسابعة عشرة.
سامي صابر: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ ياه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ ياه ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ."
يوسف راضي: الآية السابعة عشرة تلخّص الجانب الذي نسيناه من الإنجيل: يهوه لا يَديننا! لستَ مضطراً لأن تثبت أي شيء لأبيك السماوي. فهو يعرفك أكثر بكثير مما تعرف نفسك.
سامي صابر: " نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي". [المزمور139: 13]
يوسف راضي: نعم، المزمور المئة والتاسع والثلاثون. في الواقع، لماذا لا ننتقل إليه، وتقرأ لنا الآيات الأولى إلى الرابعة. لاحظ إلى أي مدى يعرفك أبوك السماوي. تفضل.
سامي صابر:
يَا يهوه، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي.
أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي.
فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ.
مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ.
لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا يهوه عَرَفْتَهَا كُلَّهَا.
يوسف راضي: أبوك السماوي يعرفك أكثر من أي شخص آخر على الأرض. معرفته بك عميقة وحميمة لدرجة أنه يعرفك حتى أكثر مما تعرف نفسك. ورغم معرفته بك -وهذا هو الجزء المنسيّ من الإنجيل- هو يقبلك، في جميع الأحوال، تماماً كما أنت.
نحن نعلَم جميعاً أنّ يهوه يحبّنا. لقد علّمونا أن نرنّم ذلك منذ الطفولة. ولكن، أن ندرك أنه يعرف كل شيء عنا ويقبلنا في جميع الأحوال؟ وأنه لا يُديننا؟ هذا هو الجانب الذي يغيب عن بالنا.
سامي صابر: صحيح. لأننا نشعر أننا مُدانون؛ نشعر بالذنب. أعلم أنك سبق أن شاركتَنا ما يقوله الكتاب المقدس عن أنّ يهوه لا يديننا. وأظن أن هذا يشكّل مفاجأة للكثيرين منا.
يوسف راضي: نعم. يوحنا، الأصحاح الخامس. أظنّ أنها الآية العشرون أو الحادية والعشرون.
سامي صابر: في الواقع، الآية الثانية والعشرون. تقول: "لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ".
يوسف راضي: إذاً، وظيفة الدينونة أُعطِيَت للابن. وماذا قال للمرأة التي أُمسِكت في زِنا؟
سامي صابر: " وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ". [يوحنا8: 11]
يوسف راضي: ومع ذلك، وكما أشرتَ قبل قليل، ما زلنا نشعر بأننا مدانون. ما زلنا نشعر بالذنب. السبب بسيط بقدر ما هو بعيد المدى: عندما سقط آدم وحواء، لم يخطئا فقط بسبب عصيان الشريعة الإلهية، بل لأنّ طبيعتهما ذاتها قد تغيّرت. نعم، كما نعلَم، لقد اكتسبا طبيعة ساقطة، وكل فرد من نسلهما ورث الطبيعة الخاطئة عينها. ولكن، علاوة على ذلك، تأصّلت فيهما الكذبة القائلة بأنّ الإنسان –مثلما خُلق ليكون– ليس "جيدًا بما فيه الكفاية".
سامي صابر: أعلَم أنك تناولتَ هذا الموضوع في حلقة سابقة، لكنه مفهوم جديد حقًا. أيمكنك أن تشرح ما تقصده لكلّ مَن فاته الاستماع إلى تلك الحلقة؟.
يوسف راضي: بالتأكيد! إلى الذين فاتهم الاستماع إلى هذه الحلقة، بإمكانكم الاستماع إليها على موقعنا الالكتروني أو على اليوتيوب. عنوان الحلقة "السبب الكامن وراء الكذبة". لقد تناولنا الموضوع بالتفصيل فيها، وسأكتفي الآن بتلخيصها.
باختصار، لقد أغوى الشيطان آدم وحواء ليشعرا بعدم الرضا عن حالتهما، كما خُلقا ليكونا. وهما، بالطبع، خُلِقا طاهريْن وبريئيْن. ولكنهما كانا لا يزالان بشريّيْن.
سامي صابر: نحن نميل إلى تجاهل هذه النقطة، أليس كذلك؟
يوسف راضي: صحيح، لكنها نقطة في منتهى الأهمية. آدم وحواء كانا بشريّيْن بالكامل، كائنين بشريّين بلا خطيئة قبل السقوط، بالتأكيد. لكنهما كانا بشريّين. ماذا يعني هذا؟ يعني أنهما خُلِقا ولديهما القدرة على النمو: في الحب والخبرة والمعرفة، على غرار خالقهما الذي كان أيضاً والدهما السماوي.
سامي صابر: في الحلقة السابقة، ذكرتَ الأصحاح الثاني في التكوين كدليل على أنّ حالة افتقارهما إلى المزيد من المعرفة كانت بحدّ ذاتها تتّسم بالمثالية والكمال.
يوسف راضي: بالطبع. وحده ياه يعرف كل شيء. لكنه خلق البشر مع القدرة على النمو والتعلّم واكتساب المعرفة والخبرة، وذلك بصورة تدريجية ومتواصلة. إنّ جهل هذين الكائنين، وكونهما بشريَّين، لم يجعلهما أقل كمالاً ولم يقلل من محبته لهما. أرى أنك فتحتَ التكوين. لماذا لا تقرأ لنا تلك الآية؟
سامي صابر: حسناً، إنها الآية الخامسة والعشرون في التكوين الأصحاح الثاني:
" وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ."
يوسف راضي: قصة أسبوع الخلق، وردت، بالطبع، في الأصحاح السابق. وتروي كيف خُلق آدم وحواء في اليوم السادس. كانا بمثابة تتويج لخليقة ياه بأكملها. ماذا قال يهوه في نهاية أسبوع الخلق؟ في الواقع، عد قليلاً الى الأصحاح الأول. واقرأ من الآية السابعة والعشرين ولغاية… الآية الحادية والثلاثين.
سامي صابر:
فَخَلَقَ إلوهيمُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ إلوهيم خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.
وَبَارَكَهُمُ إلوهيم وَقَالَ لَهُمْ: "أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ".
وَقَالَ إلوهيم: "إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا.
وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا". وَكَانَ كَذلِكَ.
وَرَأَى إلوهيم كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا".
يوسف راضي: إذاً، لدينا هذان الكائنان المخلوقان حديثًاً. خُلِقَا على صورة إلوهيم، وكانا كاملَيْن في براءتهما ولكنهما يجهلان الكثير من الأمور المختلفة. ورغم جهلهما، أعلنهما خالقهما، وأبوهما السماوي، أنهما حسنان جداً! رغم افتقارهما إلى المعرفة الكاملة! ما الذي تستنتجه من ذلك؟
سامي صابر: أنه كان سعيداً بهما؟ أنهما لم يكونا بحاجة إلى أي تحسين؟ أنهما كانا جيّدين تماماً مثلما كانا؟
يوسف راضي: بالضبط! كانا جيّدين -مثاليَّين، محبوبَين- تمامًا مثلما كانا، تماماً كما خُلِقا ليكونا. ثم، بعد أصحاحَين، في التكوين الأصحاح الثالث، تتسلّل الحيّة وتقترب منهما، وتلمّح لهما بأنهما، بطريقة أو بأخرى، أقل مما ينبغي أن يكونا، أقلّ مما يستطيعان أن يكونا. لا تقول لهما ذلك بشكل صريح ومباشر. بل تلمّح لهما بأنهما لا يعرفان كل ما يعرفه يهوه. وها هما يشعران بأنهما أقل شأناً.
سامي صابر: عندما تروي ما حدث بهذه الصيغة، ندرك فجأة مدى سخافة شعورهما هذا. بالطبع، كانا يعرفان أقل بكثير مما كان يهوه يعرف! هو القدير! هو الرب! حتى رئيس الملائكة الأعلى رتبة في السماء لن يتمكن أبدًا من الارتقاء الى مكانته ومعرفته وبلوغهما.
هذا يذكّرني بمقطع في العهد الجديد يقول إنّ ياه جعل الإنسان أقل قليلاً من الملائكة.
يوسف راضي: مقطع رائع. لماذا لا تقرأه لنا؟ الأصحاح الثاني في العبرانيين. إبدأ القراءة من الآية الأولى حتى نتمكن من قراءته في سياقه. لاحظ أنّ ما من شيء هنا يشير إلى أنّ خلق آدم وحواء، كبشريّيْن، كان من الممكن تحسينه بطريقة ما، وهذا ما كانت تلمّح إليه الحية. تفضل.
سامي صابر:
لِذلِكَ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ أَكْثَرَ إِلَى مَا سَمِعْنَا لِئَلاَّ نَفُوتَهُ، لأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ صَارَتْ ثَابِتَةً، وَكُلُّ تَعَدٍّ وَمَعْصِيَةٍ نَالَ مُجَازَاةً عَادِلَةً، فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ؟ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِدًا ياه مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ. فَإِنَّهُ لِمَلاَئِكَةٍ لَمْ يُخْضِعِ الْعَالَمَ الْعَتِيدَ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنْهُ.
لكِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعٍ قَائِلاً: "مَا هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ؟ أَوِ ابْنُ الإِنْسَانِ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ وَضَعْتَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ. بِمَجْدٍ وَكَرَامَةٍ كَلَّلْتَهُ، وَأَقَمْتَهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. أَخْضَعْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ".
يوسف راضي: لاحِظ أنّ ياه قد كلّل آدم وحواء بالمجد والكرامة وأخضع لهما كل الخليقة في هذا العالم، رغم أنهما خُلقا في مرتبة أدنى من الملائكة. هذا هو الحقّ، بشارة الملكوت، التي لا يريدنا كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن ننساها وننحرف عنها. أن نكون بشرًا هو أمر جيّد بما يكفي ليجعلنا محبوبين من خالقنا. أن نكون بشراً هو أمر جيد بما يكفي لتحقيق هدف ياه في خلقنا. ولكي يثبت لنا ذلك، أرسل يهوه مسيحاً بشرياً بالكامل ليفدينا من السقوط.
تابع القراءة. اوه… الآية الثامنة.
سامي صابر: لاحِظ أنّ الكاتب وضع "كل شيء" تحت سيادة الإنسان: "لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا غَيْرَ خَاضِعٍ لَهُ. عَلَى أَنَّنَا الآنَ لَسْنَا نَرَى الْكُلَّ بَعْدُ مُخْضَعًا لَهُ".
يوسف راضي: بسبب الخطيئة. إنّ دخول الخطيئة عمل على تأخير خطة ياه للجنس البشري – لم يغيّرها ولم يجعلها بائدة- بل أخّرها فقط. واصل القراءة. الآية التاسعة.
سامي صابر:
"وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَهوشوا، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ يهوه الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ. لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ، أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً".
[العبرانيين2: 1 الى 11]
يوسف راضي: بكل الطرق التي يمكن تخيّلها، نرى الآب وهو يحاول أن يُعْلِمنا بأن تلميح الشيطان في عدن -بأنه ليس جيدًا بما فيه الكفاية أن يكون المرء بشرياً- هو كذبة فادحة. لهذا السبب، تُعتبر طبيعة يهوه بصفته واحدًا (وليس ثلاثة) وطبيعة يهوشوا (بصفته المسيح البشري بالكامل)، عقيدة حيوية وفي منتهى الأهمية.
فنحن، كما تعلَم، وبالمعنى الحقيقي، نحن جميعاً أبناء ياه وبناته.
سامي صابر: بالضبط، يروقني كثيراً كيف يقدّم لوقا نَسب المخلّص في لوقا الأصحاح الثالث. ومتّى في الأصحاح الأول من متى يبدأ عند إبراهيم ويمضي قدماً. كما تعلم، إبراهيم وَلَدَ اسحق. إسحاق وَلدَ يعقوب. يعقوب وَلدَ يهوذا، وهكذا دواليك وصولاً إلى المسيح. لكنّ لوقا يبدأ من المسيح ويعود إلى الوراء وصولاً إلى آدم. يقول إنّ يهوشوا كان ابن … ويعود الى الوراء، والى الوراء، والى الوراء. إلى نوح، بن لامَكَ ، بن مَتوشالَحَ بن أُخْنُوخ، ويعود أكثر إلى الوراء، إلى أَنوش، بن شِيت، بن آدم الذي كان، كما يقول لوقا، ابن… ياه.
هذا في منتهى الروعة! لقد اعتدنا التفكير في أنّ يهوشوا هو وحده "ابن ياه"، لكنني أنا أيضًا ابنه! وأنت ابنه. نحن جميعاً أبناء ياه وبناته.
يوسف راضي: وهذا، بالضبط، كفيل بأن يكشف لك كل ما تحتاج إلى معرفته حول … مقدار "المحبة" التي يكنّها لك أبوك السماوي. هو يحبك! تماماً كما أنت! صحيح، لديك طبيعة ساقطة. نحن جميعاً لدينا طبيعة ساقطة، والآب لديه خطة ليتدبّر الأمر من أجلنا، وذلك فقط لأنه يعلَم أننا سنكون أكثر سعادة عندما لا نكافح ضد هذه الطبيعة التي ورثناها من السقوط. هو يحبنا في جميع الأحوال.
ثمة نمط يمكن ملاحظته وهو أنّ البالغين الأكثر تكيّفاً، والأكثر سعادة هم، إلى حد بعيد، أولئك الذين عاشوا طفولة سعيدة ومستقرة عاطفياً. وللتمتع بطفولة سعيدة ومستقرة عاطفياً، يحتاج الطفل إلى شيء واحد أكثر من أي شيء آخر.
سامي صابر: ألا وهو؟
يوسف راضي: أن يدرك، في أعماق روحه، أنّ والديه يؤمنان بأنه عظيم القدر والقيمة. لكي يتمتع بالاستقرار العاطفي، يجب على كل طفل أن يؤمن من كل قلبه بأنّ بابا وماما يحبانه ويقدّرانه. بأنّ قيمته أو قيمتها كبيرة في نظر الوالدين.
قد لا يحصل بعض الأطفال على هذا من كلا الوالدين. إذ أحيانًا، تنتقد الأمهات أطفالهن بشدة بينما يوفّر الأب ملاذاً آمناً لهم. وأحيانًا أخرى، قد يكون الأب عنيفاً ومؤذياً للغاية –علماً أنّ جميع أشكال الإساءة تسبب الأذى العاطفي- والأم هي التي تجعل الطفل يشعر بأنه محبوب ويستحق التقدير. إنّ مثل هذه المواقف تسبب بالتأكيد، أضرارًا مختلفة، ولكن، حتى وإن كان أحد الوالدين فقط هو الذي يقدّر الطفل، فإن ذلك يساهم مساهمة فعّالة في مساعدة الفرد على النمو في جوّ من الاستقرار العاطفي. أو، على الأقل، في جوّ أكثر استقراراً.
سامي صابر: هذه ملاحظة وجيهة. نحن نسمع عن شفاء "الطفل الداخلي". وهذا الأمر برمته، متعلق بشفاء الأضرار التي لحقت بقيمتنا الذاتية، والتي تَسبّب بها التنمر والتحقير، حتى عندما يحصل التنمر والتحقير من قبل أحد الوالدين.
يوسف راضي: هذا صحيح. لنكون متوازنين وسعداء ولنتمتع بالاستقرار العاطفي والقدرة على التكيف، علينا أن نؤمن إيماناً قوياً، في أعماق قلوبنا، بأن لدينا قيمة جوهرية. وهذا صحيح! نحن بالفعل عظيمو القدر والقيمة. نحن جديرون بالمحبة. هذه هي رسالة الإنجيل المفقودة والمنسية منذ زمن طويل.
* * *إعلان
تستند المعتقدات الشخصية، بطبيعة الحال، على كلّ ما يؤمن المرء بأنه حقيقي وصحيح. فالشخص العادي لا يختار بشكل متعمّد أن يصدّق كذبة ما. والمشكلة هي أنّه مجرّد إيمان المرء بأنّ شيئًا ما هو صحيح وحقيقي، لا يحوّله في الواقع، إلى أمر صحيح وحقيقي.
مسيحيون مخلِصون كثر وقعوا ضحايا عملية احتيال. هذه الكذبة تلوّن تفسيراتهم للنبوءة، وتحفّزهم على تقديم الهبات النقدية، وحتى، في بعض الأحيان، تؤثر على سياساتهم. وهي تتمثّل في الاعتقاد الخاطئ بأن اليهود لا يزالون شعب يهوه المختار ولديهم الحق والنور لمشاركتهما في هذه الأيام الأخيرة.
وفي حين يبدو أنّ هذا الاعتقاد تدعمه مقاطع مختلفة في الكتاب المقدس، غير أنّ الواقع يبدو مختلفاً تماماً عندما يتم تحليل جميع أجزاء الكتاب المقدس. يقول الكتاب المقدس نفسه إنّ اليهود رفضوا يهوه عندما اختاروا ملكاً بشرياً ليحكمهم. ورغم أنّ ياه استمر بصبر في محاولة جذبهم إليه، إلا أنه، في نهاية المطاف، إمتثل لرغباتهم. اليوم، لم يعد اليهود، كأمة، شعب يهوه المميز. هذا الشرف يعود للمؤمنين وحدهم.
لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع، ابحثوا عن حلقة إذاعية بعنوان "كذبة اليهودية المسيحية".
لا يتوجب عليكم التطلع إلى اليهود بحثًا عن الحق. فقد أتاح الآب روحه لتزويدنا بالتعليم والفهم للحق الذي نحتاج جميعًا إلى معرفته. أكرر، عنوان الحلقة "كذبة اليهودية المسيحية" على موقعنا الإلكتروني www.worldslastchance.com/arabic. كما يمكنكم الاستماع إليها على اليوتيوب !
* * *
الجزء 2: (سامي صابر و يوسف راضي)
سامي صابر: قلتَ قبل قليل، إنّ الشخص البالغ ليكون سعيداً ومتوازناً، ولينعم بالاستقرار العاطفي، يجب أن يتمتع بشعور تقدير الذات السليم، الذي يمكن اكتسابه بسهولة في مرحلة الطفولة. ستنجح في تقدير نفسك إذا كنتَ تشعر بالتقدير من قبل والديك.
يوسف راضي: بالضبط. نحن، كآباء، علينا تذكر أنّ الطريقة التي نتحدث بها مع أطفالنا، ستصبح في المستقبل طريقتهم في الحديث الذاتي مع أنفسهم كبالغين.
سامي صابر: بالضبط. وأفضل مثال على ذلك يتجلّى في أحد اضطرابات الشخصية من الفئة "ب"، أو ما يسمى اضطراب الشخصية الحديّة. في دراسة نُشرت عام ألفين وعشرة بعنوان "موجز الإصلاحيات"، أشارت التقديرات إلى أنّ نسبة واحد إلى إثنين في المئة فقط من عامة الناس يعانون هذا الاضطراب. ولكنّ هذا الرقم يرتفع بشكل مثير للدهشة، ليتراوح بين اثنتي عشرة وثلاثين في المئة في السجون. وما يجعل هذا الكلام قابلاً للتطبيق على مناقشتنا اليوم، هو أنّ اضطراب الشخصية الحَدّية يتطور بشكل أكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة المبكرة نتيجة الإساءة الشديدة التي يتعرض لها الطفل من راعيه الأساسي. لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحاً مئة في المئة، ولكنّ الاعتقاد كان سائداً منذ فترة طويلة بأنها الطريقة الوحيدة التي تسبب إصابة المرء باضطراب الشخصية الحدية. هذا هو تأثيرنا، كآباء، على تقدير أطفالنا لذواتهم.
يوسف راضي: هذا صحيح جدًا. ولكن ما لم ندركه هو أنّ آدم وحواء، عندما اقترفا الخطيئة، تأصّلت فيهما رسالة الشيطان القائلة إنهما ليسا "جيّديْن بما فيه الكفاية"، وأورثا هذه الرسالة إلى كل نسلهما. ونحن جميعاً تأصّلت فينا هذه الرسالة، ولو بدرجات متفاوتة. بعض الناس يسعون الى ملء الفراغ من خلال حياتهم المهنية، وبعضهم الآخر من خلال تغيير مظهرهم الخارجي، وهذا أمر بديهيّ عندما يكون واقع عدم استحقاقنا رسالةً من الشيطان، وليس من أبينا المحب.
دعني أخبرك قصة قصيرة لتوضيح ما أقصده. ابني البكر، كما تعلَم، هو الآن في الجامعة. في العام الماضي، درس مقارنة الأديان. من الأمور التي اكتشفها خلال دراسته لهذه المادة، هو الاختلاف الكبير بين الطريقة التي ننظر بها نحن المسيحيين إلى "ياه" ، والطريقة التي ينظر بها الكثير من الوثنيين إلى "إلهتم". أنا لا أقول إنّ المسيحية على خطأ وعلينا جميعاً أن نصبح وثنيين. ولكن، كما قلنا قبلًا، كل ديانة فيها بعض الخطأ وكل ديانة فيها بعض الحق. بهذه الطريقة يجذب يهوه كل القلوب إليه بغض النظر عن خلفيتها. لكنّ الاختلاف بين وجهتَي النظر كان عميقاً بالفعل.
سامي صابر: ماذا تعني؟
يوسف راضي: قام مثلاً بزيارة لموقع بنترست Pinterest. أتعلَم، ذاك الموقع الإلكتروني الذي ينشر فيه الكثير من الأشخاص الصور والميمات؟
سامي صابر: حقًا؟
يوسف راضي: كتب كلمة "ياه". ثم فتَح علامة تبويب جديدة، وانتقل إلى موقع بنترست Pinterest، وكتب كلمة "إلهة". فكانت الاختلافات مذهلة. في الصفحة الخاصة باقتباسات حول "ياه" مثلاً، كانت هناك ميم تقول، أقتبس: "وهو يحبني رغم أنني أخذله كل يوم." وأخرى تقول: "ياه يرى خطايانا بوضوح أكثر من أي شخص آخر، لكنه يحبنا أكثر من أي شخص آخر."
سامي صابر: حسناً… أنا لا أرى أين المشكلة هنا.
يوسف راضي: دعني أقرأ لك بعض الاقتباسات التي ظهرت عندما كتَب كلمة "إلهة". قال أحدها: "أنا محبوب للغاية. أنا مبارك بطريقة إلهية. أنا نوري المقدس نفسه. أنا أكرّم الإلهة في داخلي. " وقال اقتباس آخر: "أَستبدل خجلي وغضبي بحب الذات والتعاطف مع الذات."
سامي صابر: حسناً. أظنني فهمت ما ترمي إليه. كل الاقتباسات والميمات في إطار كلمة البحث "ياه".. كلها تتّسم بالسلبية، أليس كذلك؟ النظرة إلى الذات هي نظرة احتقار وازدراء. وكأنك تقول لنفسك "أنت فاشل. أنت سيء. أنت خاطئ. صحيح، لكنّ ياه يحبك في جميع الأحوال. إنه لأمر مذهل للغاية بما أنك في منتهى الفظاعة". على النقيض من ذلك، فإن العبارات الوثنية تتسم بكثير من الإيجابية، أليس كذلك؟ تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك.
ولكن، هل هذا أمر جيد؟ أعني، نحن خطأة بالفعل. نحن أشرار وبحاجة إلى مخلّص.
يوسف راضي: ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه يا سامي، هو التالي: ما الذي ينتج عن كل تركيز مختلف؟ ثمة ظاهرة يمكن ملاحظتها وهي أنّ الأشخاص الذين يتفاخرون أكثر من غيرهم، هم الذين يشعرون أكثر من غيرهم بعدم الأمان. أولئك الذين يكرهون أنفسهم، هل هم قادرون فعلاً على محبة الآخرين؟
سامي صابر: هذا ليس بالأمر السهل، أليس كذلك؟ إذاً، بإضفائنا الطابع الشخصي على ذلك، ماذا يعني هذا بالنسبة اليك؟ أنت شخصياً؟
يوسف راضي: هذا يعني أننا، أنا وأنت وكل من يستمع إلينا، محبوبون كما نحن تمامًا. لهذا السبب نحن مدعوون الى الحضور إلى الآب، تماماً كما نحن. نحن خطأة ذوو طبيعة ساقطة. ولا يمكننا بالطبع تحسين أنفسنا. علاوة على ذلك، يهوه يعرف هذا تمام المعرفة. أيّ "تحسين" يجب أن يتم بواسطته.
سامي صابر: أي إعادة خلق لا بدّ من أن تتم بواسطة الخالق الأصلي.
يوسف راضي: هذه صياغة رائعة للتعبير عن هذه النقطة.
لا. نحن لسنا إلهيين. ولن نصبح أبداً إلهيين، لكنّ الرسالة التي حملها يهوشوا هي أنّ غاية يهوه الإلهية في خلق الجنس البشري ستتحقق عندما يعود يهوشوا لإقامة ملكوت ياه على الأرض. وجزء من هذه الرسالة هو أنّ البشر جيّدون بما يكفي، كبشر، لتحقيق هذا القدَر الإلهي. يهوه خلق البشر لهذا الدور. لا يتعين علينا، كما لمّحت الحية، "أن نكون مثل يهوه" من أجل تحقيق قدَرنا الإلهي. البشر، في إنسانيتهم التي عيّنها يهوه، "جيدون بما يكفي" ليرثوا الأرض.
سامي صابر: رغم أنك تقرّ بكل وضوح، بأننا جميعاً خطأة، إلا أنّك تقول وتردد بأننا "جيدون بما فيه الكفاية". كيف تعرّف عبارة "جيدون بما فيه الكفاية"؟
يوسف راضي: الجنس البشري هو ما خلقه يهوه لتحقيق غايته. أكرر، نحن لا يتوجب علينا شقّ طريقنا نحو الألوهية. لا يتوجب علينا التقمّص حتى نحقّق الألوهية. يكفي أن نكون بشرًا لأن هذا ما خلقه ياه. لقد خلق بشراً. كان بإمكانه أن يخلق أنصاف آلهة. لكنه لم يفعل. خلق كائنات بشرية ومنَحها السيادة على الأرض.
سامي صابر: إذن … كيف فقدنا هذه الرسالة؟ أعلم أنك قلتَ إن رسالة الحية بأننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية، قد تأصّلت فينا جميعاً، لكنّ يهوشوا جاء ليقدم الينا البشارة -الرسالة التي مفادها أنّ البشر جيدون بما يكفي ليرثوا الأرض. إذا كانت هذه هي رسالة الإنجيل الحقيقية في نقائها الأصلي، فكيف فقدناها؟
يوسف راضي: هذا سؤال رائع. يُختتم العهد القديم وقد أصبح بنو إسرائيل تحت سيطرة مادِي وفارِس. حتى بعد عودة بعض الأسرى البابليين إلى أرض إسرائيل، كانوا لا يزالون جزءًا من إمبراطورية ميدو-فارسية. وعندما سقطت أورشليم في أيدي البابليين، فقدَت "يهوذا" استقلالها إلى الأبد.
في العهد الجديد، بالطبع، كان الرومان يشكّلون القوة الأجنبية المسؤولة. وما يغيب عن بالنا هو التأثير الذي تركتْه القوة الحاكمة على اليهود خلال فترة ما بين العهدين.
هل تتذكّر الصورة في حلم نبوخذنصّر التي تحدّثَ عنها دانيال الأصحاح الثاني؟ فقد فسّر دانيال الحلم وأخبر نبوخذنصر أنّ رأس الذهب يمثّله أو يمثّل بابل. ما هي الإمبراطوريات التي جاءت بعد ذلك؟ هل يمكنك تسميتها بالترتيب؟
سامي صابر: بابل، مادِي وفارِس، اليونان، روما-
يوسف راضي: اليونان! كانت القوة التي حكَمت إسرائيل خلال فترة ما بين العهدين. وكما تأثّرت مجموعة الآلهة الرومانية والعمارة الرومانية بالعمارة والديانة اليونانيتَيْن، كذلك أثّرت فلسفتهم على الإمبراطورية التي حكموها، بما فيها اليهود.
قل لي، عندما كنتَ في الجامعة، هل أخذتَ دروسًا في الفلسفة؟
سامي صابر: نعم! أخذتُ فصلًا واحدًا. وكان مثيراً للاهتمام، خصوصاً عندما تدرك أنّ الفلسفة الحديثة أخذت الكثير من أفكارها من الإغريق القدامى.
يوسف راضي: حسناً. كان سقراط من الفلاسفة العظماء. لشرح الأمر ببساطة، كان يُعلّم أنّ العالم المادي -العالم الذي نراه من حولنا والذي نختبره من خلال حواسنا الخمس- ما هو إلا انعكاس قاتم لواقع مثالي أسمى. وجادَلَ بأن الأفكار أكثر واقعية من الأشياء التي يمكننا لمسها. بالنسبة إلى سقراط، عالمنا المادي هو عالم سفليّ لأنه يتغيّر باستمرار. وبالمثل، فإن جسم الإنسان ليس الحقيقة المطلقة لأنه فانٍ. كل عقولنا هي جزء من العقل المطلق. لكنّ النقطة الأساسية هي أنّ الواقع الذي نعيش فيه هو انعكاس باهت للواقع المثاليّ الأسمى.
سامي صابر: السماء؟
يوسف راضي: لا، فالسماء بالنسبة إلى سقراط يمكن أن تكون هي أيضاً مادية جدًا، ووواقعية جداً. هذا التأثير من الفلسفة الوثنية يمكن تبيانه في البدع المختلفة التي تلوّثت بها الكنيسة الأولى. الغَنُّوصِيَّة هي واحدة من أكثر تلك البدع شهرة. والكلمة مشتقة من الكلمة اليونانية " gnosis نوسيس" وتعني "المعرفة".
هلا تأتي بذاك القاموس وتبحث لنا عن تعريف الكلمة؟ أكرر، تلك كانت إحدى البدع والهرطقات المسيحية المبكرة. علماً أنّ العديد من البدع التي استحوذت على الكنيسة الأولى كانت، في الأساس، أفكارًا مختلفة مستمدة من الفلسفة اليونانية، وطُبِّقت على الديانة الجديدة. وجدتَ التعريف؟ إقرأه.
سامي صابر: حسناً، يقول التعريف إنّ الغَنّوصِيَّة هي، أقتبس، "الفكر والممارسة خصوصاً لدى طوائف مختلفة في أواخر القرون ما قبل المسيحية وأوائل القرون المسيحية، وتتميز بالقناعة بأنّ المادة هي الشرّ وبأنّ التحرّر منها يأتي من خلال المعرفة."
يوسف راضي: الغنوصية، أكرر، تعني "المعرفة". هل يبدو هذا مألوفاً؟ أتعرِف من أين أتت هذه الفكرة القائلة بأنّ المعرفة الأكثر تقدماً ستجعلك، بطريقة ما، شخصاً أفضل مما أنت عليه؟
سامي صابر: من الحية.
يوسف راضي: بالضبط. هذه الفكرة القائلة إنّ العالم الماديّ هو الشرّ، وإنّ أجسادنا البشرية شريرة وفاسدة، تقودنا إلى إنجيل زائف يتشابك مع التعاليم غير الكتابية بأنّنا نمتلك روحاً خالدة منفصلة ومتميزة عن أجسادنا.
سامي صابر: كيف توصلتَ إلى هذا الاستنتاج؟
يوسف راضي: في الواقع، الحية، في جنة عدن، أقنعَت آدم وحواء بأنه يتوجب عليهما أن يصبحا أكثر من مجرد بشرييْن ليكونا مقبولَيْن لدى ياه. صحيح؟
سامي صابر: صحيح.
يوسف راضي: وبهذا… التقدم، إذا صح التعبير، لن يصبحا "أكثر" من بشرييْن فحسب، بل وعدتهما الحية بشيء آخر. ما هو؟ التكوين، الأصحاح الثالث… الآيتان الرابعة والخامسة. ماذا تقولان؟
سامي صابر: "فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: "لَنْ تَمُوتَا! بَلِ إلوهيم عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَإلوهيم عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ".
يوسف راضي: باكتسابهما هذه المعرفة الجديدة والمتقدمة، لن تعود حياتهما مقتصرة على حدود الجسد المادي.
سامي صابر: هذه بدعة وهرطقة بامتياز! فمعظم المسيحيين يتحدثون عن الروح على أنها منفصلة عن الجسد، لكنّ الكتاب المقدس يقول بكل وضوح إنّ الروح لا وجود لها وهي منفصلة عن الجسد. إستمع إلى هذا. سفر التكوين، الأصحاح الأول … لا. الأصحاح الثاني، الآية السابعة. تقول: "وَجَبَلَ يهوه إلوهيم آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً."
يوسف راضي: إنها لآية رائعة. لاحِظ أنّ الإنسان كان بلا روح قبل تلك اللحظة. فِعْل الآب الذي نفخ في أنفه نسَمة الحياة هو الذي خلق له الروح. الجسد مع شعلة الحياة من خالقنا، هو "الروح". لا وجود لروح بلا جسد تطفو وتطير في الأجواء. لم يكن لها أي وجود قبل آدم ولا بعده بكل تأكيد.
لكنّ الكذبة التي قدّمتْها الحية هي أن آدم وحواء عليهما ألا يدعا الخوف من الموت يمنعهما من الاستحواذ على المعرفة المتقدمة. بالطبع، قد يموت الجسد، لكنّ المعرفة الواعية، الروح، ستبقى موجودة في ما يشبه عالم الأرواح.
سامي صابر: هذا مثير للاهتمام. يمكنك أن تلاحظ كيف ينتشر هذا المعتقد، بأشكاله المختلفة، في جميع أنحاء العالم. حيثما انتشر الجنس البشري، انتشر هذا، … هذه … الكذبة من زمن جنة عدن. سواء كان الإيمان بالروح الخالدة التي تذهب إلى السماء أو الجحيم عند الموت، أو التقمص بأي شكل من الأشكال، كل ذلك مردّه تلك الكذبة نفسها.
يوسف راضي: ما من عذر على الإطلاق للمسيحيين، بشكل خاص، للمسيحيين الذين يمكنهم الوصول إلى الكتاب المقدس، ما من عذر يبرّر إصرارهم على الإيمان بهذه الكذبة الشيطانية بأن النفس خالدة. فالكتاب المقدس يعلن مرارًا وتكرارًا أنّ الإنسان نفْس وأنّ النفْس تموت. فلنلقِ نظرة على عدد من المقاطع التي ورد فيها ذلك. إنتقل إلى حزقيال الأصحاح الثامن عشر واقرأ الآية … عشرين.
سامي صابر: حسناً. تقول: "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ."
يوسف راضي: لاحِظ هذه العبارة: النفْس التي تخطئ هي تموت. ليس بالضرورة النفْس التي تبقى أقل من إلهية في إنسانيتها. أن تكون أقل من إلهيّ ليس المعيار الذي يحدد الموت، ولا يعتبر الارتقاء إلى حالة أسمى من البشر، شرطًاً لنرث الحياة الأبدية.
باختصار، عندما يموت الجسد، تموت النفْس او الروح أيضًا. إنهما مرتبطان بعضهما ببعض. إنتقل إلى سفر الجامعة الأصحاح الثاني عشر. هذا السفر لا نقتبس منه كثيرًا، ولكنه يحتوي على بعض المقاطع الرائعة. الجامعة، الأصحاح الثاني عشر، الآيتان السادسة والسابعة. هنا، يواجه سليمان الموت بعد حياة حافلة بالملذات. يقول: "باطل الأباطيل". "الكلّ باطل." ولكن، ما أريدك أن تلاحظه هو أسلوب وصفه للموت. اقرأ المقطع حالما تجده.
سامي صابر:
فَاذْكُرْ خَالِقَكَ
قَبْلَ مَا يَنْفَصِمُ حَبْلُ الْفِضَّةِ،
أَوْ يَنْسَحِقُ كُوزُ الذَّهَبِ،
أَوْ تَنْكَسِرُ الْجَرَّةُ عَلَى الْعَيْنِ،
أَوْ تَنْقَصِفُ الْبَكَرَةُ عِنْدَ الْبِئْرِ.
فَيَرْجعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجعُ الرُّوحُ إِلَى إِلُوَه الَّذِي أَعْطَاهَا.
يوسف راضي: يهوه قال لآدم وحواء إنهما سيعودان إلى تراب الأرض عندما يموت جسدهما. التكوين، الأصحاح الثالث، الآية التاسعة عشرة. يقول، أقتبس:
"بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا
حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا.
لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ".
ويضيف سليمان إلى ذلك، ما يقوله بكل وضوح في الآية الخامسة من الجامعة الأصحاح التاسع، أقتبس: "لأَنَّ الأَحْيَاءَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ، أَمَّا الْمَوْتَى فَلاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُمْ أَجْرٌ بَعْدُ لأَنَّ ذِكْرَهُمْ نُسِيَ."
وبعد ثلاثة أصحاحات، تأتي الآيتان اللتان قرأتَهما قبل قليل، واللتان تؤكدان أنه عندما يموت الجسد، يعود النفَس الذي أعطاه ياه اليه وتختفي الروح من الوجود.
سامي صابر: هذا يتوافق مع ما قاله بولس في تسالونيكي الأولى الأصحاح الرابع الآيات الخامسة عشرة إلى السابعة عشرة.
إستمع. يقول، أقتبس:
"فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ ياه، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ.
يوسف راضي: أوليس هذا مقطعاً رائعاً؟ وهو مُطَمئِنٌ للغاية أيضًا. لا داعي الى القلق بشأن إمكانية أن يتجسس عليك أحبّاؤك من السماء، أو الأسوأ من ذلك، أن تتعرّض للعذاب المروّع في الجحيم. عندما يموت المرء، يفقد الوعي والإدراك كما لو كان نائماً. نحن جميعاً "ننام" إلى أن نقوم عندما يعود يهوشوا ونُمنح أجسادًا جديدة وخالدة تتماشى مع طبيعتنا الجديدة المطهَّرة غير الساقطة.
ولكن، مرة أخرى، النقطة المهمة هي أنّ الماديّ -العالم الماديّ، الجسد الماديّ– لا ضير فيه. لا يعتبر شرًا بشكل تلقائي، لمجرد أنه ماديّ وجسديّ. لقد أعلن ياه أنّ العالم الماديّ مع أجسادنا الماديّة، "حسنٌ جدًا". لو كان الجسد هو الشرّ أو يفتقد شيئاً ما، كما يحاول الشيطان أن يقنعنا، فنحن بالتأكيد لن نُمنَح أجساداً جديدة عند القيامة.
كذبة الشيطان التي سادت كل ديانة على وجه الأرض -بما في ذلك الديانة المسيحية- هي أنّ الماديّ (العالم الماديّ، الجسد الماديّ) ناقص وأقلّ من المستوى المطلوب. إنه ليس "جيدًا بما فيه الكفاية"، وهذا هو عكس ما يُعلّمه الكتاب المقدس تمامًا.
سامي صابر: في الواقع، عندما تفكر مليّاً في الأمر، تدرك أنّ هذا الخطأ له تأثير منهِك بالفعل على النفْس البشرية، أليس كذلك؟ الأطفال الذين ينشأون في بيئة يكونون فيها بصورة مستمرة، عرضة للتقليل من شأنهم وتقويض ثقتهم بأنفسهم، عندما يكبرون يغلب عليهم الشعور بعدم الاستقرار والأمان، وغالباً ما يميلون إلى التفاخر، ويشعرون بالذعر، والغيرة، والحسد، والتعاسة، وبعدم الأمان، وعدم التوازن. أنا لا أقول إنهم لا يستطيعون التغلّب على كلّ ذلك، ولكن، لا بدّ لهم، أولاً، من أن يتعافوا من الأضرار التي سبّبتها لهم تلك الفلسفة.
يوسف راضي: صحيح! والآن، إذا طبّقتَ هذا المفهوم على الدين. ماذا يحدث عندما تقوم المعتقدات الدينية والروحية بتعليم الشخص الذي يعتنقها، أنّ ما هو عليه ليس جيدًا بما يكفي، وأنّ الإقرار حتى بأنه جيد بما يكفي، يعني أنه في منتهى السوء، لأن رفض الإقرار بمدى فظاعتك، هذا نفسه يجعلك خاطئاً. أولئك الذين يتمسّكون بمثل هذا اللاهوت الملتوي وغير الكتابيّ، هل يمكن أن نتوقع منهم أن يحقّقوا خطّة ياه في خلقهم؟
سامي صابر: في الواقع، لا. عندما تشرح الأمر على هذا النحو، تكون الإجابة قطعاً لا.
يوسف راضي: تمامًا مثلما لا يمكن للأطفال أن ينضجوا بشكل صحيح إذا كانوا يعملون تحت عبء متواصل من الكراهية والرفض، هكذا، لن يتمكن البشر أبدًا من تحقيق مصيرهم الذي صمّمه ياه لهم، ما داموا يتشبثون بالاعتقاد بأنهم، بشكل من الأشكال، "أقل من المطلوب"، وبأنه يتوجب عليهم، بشكل من الأشكال، أن يحسّنوا أنفسهم من أجل تحقيق مصيرهم الإلهيّ.
سامي صابر: وهذا المعتقد عبء كبير! هذا الشعور المتواصل بأننا لسنا أبداً جيّدِين بما فيه الكفاية. هذا ما يقوله لنا المجتمع. وهذا ما تقوله لنا الكنيسة –
يوسف راضي: وحده الكتاب المقدس لا يقول لنا ذلك. رسالة الإنجيل هي رسالة حرية! لم نعد مضطرين لتصديق أكاذيب الشيطان بعد اليوم. إنتقل إلى لوقا الأصحاح الرابع. فلنقرأ ذلك ضمن السياق. إقرأ من الآية السادسة عشرة إلى التاسعة عشرة. ماذا تقول؟
سامي صابر:
"وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ:
"رُوحُ يهوه عَلَيَّ،
لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ،
أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ،
لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ،
وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ،
وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ يهوه الْمَقْبُولَةِ".
يوسف راضي: الإنجيل هو بشارة سارّة! إنه يشفي الذين دمّرتهم الخطيئة وانكسروا تحت عبء هائل من الشعور بأننا لسنا "جيّدين بما يكفي". إنه يحرّرنا لنمضي قدماً إلى القدَر الذي ينتظرنا كبشر مخلوقين لتحقيق الخطّة الإلهيّة في خلقنا.
فلنلقِ نظرة على آية أخرى. إنتقل إلى يوحنا، الأصحاح الثامن، واقرأ الآيتين الحادية والثلاثين والثانية والثلاثين.
سامي صابر: حسناً. "فَقَالَ يَهوشوا لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:"إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ".
يوسف راضي: الخبر السار في الإنجيل هو أنّ خطة يهوه الأصلية في خلق البشر ستتحقق. هذا الحق يحررنا من عبء عدم كوننا جيّدين بما فيه الكفاية بسبب إنسانيتنا.
إنتقل إلى الآية الثالثة والثلاثين. ماذا تقول؟
سامي صابر: أَجَابُوهُ:"إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟"
يوسف راضي: أترى، لم "يفهموا" ما كان يقصده. كانوا يفهمون كلامه بالمعنى الحرفيّ، وكان يهوشوا يتحدث عن المواقف والمعتقدات التي تؤثر على أفكارنا ومشاعرنا، والتي تحرّك كلماتنا وأفعالنا. لهذا السبب أجابهم في الآية الرابعة والثلاثين وقال، " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ."
إنّ الخطيئة، وبكل بساطة، تُفاقم ذلك العبء الذي يفرضه الشيطان بعدم الشعور بالرضا الكافي. شعورنا بالذنب يُفاقم شعورنا بأننا غير مستحقين وبأننا أقل من المطلوب. إنّ ياه يخطّط لتحريرنا حتى من ذلك، عندما يمنحنا طبيعة جديدة غير ساقطة.
سامي صابر: هذا أمر مُشجّع بشكل لا يوصَف.
ابقوا معنا أيها الأصدقاء! فقرتنا التالية هي البريد اليومي.
* * *
وقفة منتصف البرنامج (منى حداد)
أنتم تستمعونَ إلى راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة"، عبر WBCQ على موجة 9330 كيلوهيرتز، وعلى تردّد 31 مترًا.
راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة! نُحضِّرُ الناسَ لرجوع المخلص الوشيك!
* * *
إعلان
في واحدة من آخر رسائله المسجلة، قال بولس الرسول لتيموثاوس: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ ياه، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ياه كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ." [تيموثاوس الثانية3: 16و 17]
يتساءل بعض الناس عن سبب وجود الكثير من المعتقدات المتضاربة في المسيحية، طالما أن الكتاب المقدس، بالفعل، نافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر. مفتاح الإجابة عن هذه التساؤلات يكمن في قراءة وتفسير كل الأمور ضمن سياقها. أحد أقوال بولس الذي يختلف العديد من المسيحيين حوله، هو ما قصده تحديدًا عندما أشار إلى " الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ ". فقد اعتبر بعضهم أنّ ذلك يعني أنّ الناموس الإلهيّ لم يعد ملزمًا. غير أنّ هذا التفسير يتعارض مع مقاطع أخرى من الكتاب المقدس!
إذن، ما الذي كان يشير إليه بولس بالضبط، وماذا كان يقصد بعبارة "الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ"؟ لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال، إستمعوا إلى حلقة إذاعية سبق أن تمّ بثّها بعنوان "بولس وأهل غلاطية: عمّ كان يتحدّث بالضبط؟ "اكتشفوا الحقّ بأنفسكم لأن الحق متّسق وثابت دائمًا. إذا كان تفسيركم للكتاب المقدس صحيحاً، فلن يتعارض حتى مقطع واحد في الكتاب المقدس مع مقطع آخر فيه. أكرر، عنوان الحلقة "بولس وأهل غلاطية: عمّ كان يتحدّث بالضبط؟" على موقعنا الالكتروني www.worldslastchance.com/arabic . ويمكنكم أيضًا الاستماع إليها على اليوتيوب !
* * *
البريد اليومي (سامي ويوسف)
سامي صابر: لدينا سؤال مثير للاهتمام في بريدنا اليومي من فالبارايسو Valparaíso في تشيلي، أمريكا الجنوبية. هل تعلم أن فالبارايسو Valparaíso سجّلت رقمًا قياسيًا عالميًا؟
يوسف راضي: لا. ما الرقم القياسي؟
سامي صابر: عام ألفين وسبعة، أطلقوا ستة عشر ألف لعبة نارية في فالبارايسو. في الواقع، أُدرج هذا الحدث في كتاب غينيس للأرقام القياسية لهذا الغرض.
يوسف راضي: كنت أتمنى أن أشاهدها!
سامي صابر: على ما يبدو إنها مذهلة، أليس كذلك؟
على أي حال، دانييلا Daniela -مكتومة الشهرة- كتبَت: "عزيزيّ سامي ويوسف، أراسلكما لأنني آمل أن تتمكنا من مساعدتي. منذ أن كنت طفلة، وأنا أحب أحلام اليقظة. إنها طريقة الهروب من الواقع المفضلة لدي، ومع ذلك أشعر دائمًا بالذنب الشديد لفعل ذلك! أنا لا أحلم بأي شيء سيئ بحدّ ذاته. لكنني أشعر دائمًا بالذنب عندما أفعل ذلك ولا أعرف السبب. هل الهروب من الواقع حقًا خطيئة؟"
يوسف راضي: لا. ليس كذلك.
سامي صابر: حقاً؟ (صمت) لم أكن أتوقع هذه الإجابة!
يوسف راضي: حقاً؟ ولمَ لا؟
سامي صابر: لأننا نتحدث عن الهروب من الواقع! أعتقد أنني لطالما افترضت -أو أنه قيل لي- إن هذا أمر سيئ.
يوسف راضي: لا، لا. في الواقع، يمكن أن يكون الهروب من الواقع أداة عمليّة جدًا وصحيّة جدًا للتعامل مع الألم أو التوتر الشديد.
سامي صابر: صحيّة؟؟
يوسف راضي: ترسّخت في ذهنك فكرة أن الهروب من الواقع خطيئة، أليس كذلك؟
سامي صابر: حسنًا … إنه هروب من الواقع!
يوسف راضي: حسنًا، هل سيساعدك على التخلّص من هاجسك إذا قلتُ لك إن بعض أشكال الهروب من الواقع ضارّة ويجب عدم الانخراط فيها؟
سامي صابر: بعض الشيء. ربما. لا أعرف. فالقول إن بعض أشكال الهروب سيئة يعني أن بعضها جيد. أي نوع من "الهروب" ليس سيئًا؟
يوسف راضي: حسنًا، فلنلقِ نظرة على ذلك. انتقل إلى المزمور المئة والتاسع عشر وخلال انتقالك إليه، إسمح لي أن أسألك التالي: برأيك داوود عاش حياة مرهقة؟
سامي صابر: آه! أي رجل، يتزوج… كم عدد زوجاته؟ ست أو سبع زوجات؟
يوسف راضي: أكثر من ثماني، في الواقع.
سامي صابر: أكثر من ثماني زوجات، يعني جلب التوتر لنفسك!
يوسف راضي وسامي صابر يضحكان.
سامي صابر: واحدة تكفيني!
يوسف راضي: وأنا كذلك. زوجة سعيدة، حياة سعيدة! ولكن دعونا نرى كيف عاش داوود حياته المليئة بالتوتر. اقرأ المزمور مئة وتسعة عشر الآية السابعة والتسعين.
سامي صابر: "كَمْ أَحْبَبْتُ شَرِيعَتَكَ! الْيَوْمَ كُلَّهُ هِيَ لَهَجِي".
أجل، لكن هذا تأمل!
يوسف راضي: ليس كل الهروب من الواقع هو عبر التدخين أو المخدرات أو الكحول. فالهروب من الواقع هو علاج عاطفيّ ذاتيّ. لماذا لا يمكنك ان تعمد الى "العلاج الذاتي" بعيدًا عن الألم والتوتر من خلال كلمة ياه؟
سامي صابر: ما من سبب يمنعك من ذلك برأيي.
يوسف راضي: اعتدنا التركيز على الأشكال المختلفة الضارة للهروب من الواقع. ولكن، كما قلتُ، يمكن أن يكون الهروب نفسه أداة قيمة في تنظيم التوتر والتغلب عليه.
سامي صابر: ماذا عن صراع Daniela مع أحلام اليقظة؟ هل هذا سيئ إذا لم تكن تحلم في أحلام اليقظة بالأمور السيئة؟
يوسف راضي: هذا ما يُسمّى "أحلام اليقظة المُفرَطَة" التي يمكن أن تسيطر على حياة الشخص. تمامًا مثل أي إدمان، يمكن أن يسبب مشاكل في العمل أو في العلاقات الشخصية. أو ما شابه. أي إدمان يسبب مشاكل أكثر مما يقدّم الحلول، ليس جيدًا.
ولكن مهلاً! إذا أرادت الهروب من الضغوط وهي تحلم بما يمكن أن تكون عليه الحياة على الأرض جديدة، فلا بأس بذلك! يمكن ألا تكون أحلام اليقظة نفسها سيئة بحد ذاتها مثل أن تحلم أنها مهمة أو أنها تدير العالم بأسره، ولكنّ الاستخدام الأفضل للوقت سيكون لملء الذهن بالكتاب المقدس ووعود ياه.
سامي صابر: هذا صحيح. إذا كنت تشعر بالتوتر أو الألم. فالعثور على وعد ما وحفظه والتأمل فيه سيساعدك كثيرًا أكثر من … حسنًا، عمليًا أي نوع آخر من أنواع الهروب من الواقع يخطر لي!
* * *
وعد اليوم (ليال نصر)
مرحبًا! هنا راديو فرصة العالم الأخيرة، معكم ناديا يعقوب في وعد اليوم من كلمة ياه.
تتضمن تيسالونيكي الأولى الأصحاح الخامس الآيات السادسة عشرة حتى الثامنة عشرة بعض النصائح المدهشة: "افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ يهوه فِي الْمَسِيحِ يهوشوا مِنْ جِهَتِكُمْ".
إيمي Amy وجوردان ديموس Jordan Demos تعلّما البركات التي تأتي مع الشكر في كل موقف. وكانا ينتقلان عبر البلاد إلى ولاية تينيسي Tennessee في الولايات المتحدة. كانت رحلة طويلة ووافق إثنان من أصدقائهما على مساعدتهما من خلال قيادة شاحنة تحتوي على كافة أغراضهما. عُلّقت في الشاحنة مقطورة تحمل سيارتهما الوحيدة. في اليوم السابق لمغادرة أصدقائهما، أراد آل ديموس Demos ملء سيارتهما بالوقود في إحدى المحطات. وعندما وصلا، اكتشفا أنهما تركا عن طريق الخطأ بطاقتهما المصرفية في المنزل. وبما أن السيارة كانت ستُنقل بواسطة المقطورة على أي حال، لم يقلقا بشأن ذلك وعادا إلى المنزل. في النهاية يمكنهما ملء الخزان عند وصولهما إلى وجهتهما النهائية.
في اليوم التالي، غادر أصدقاء إيمي وجوردن مبكرًا. من الصعب على شاحنة كبيرة تسحب مقطورة وتحمل سيارة أن تكون سرعتها فائقة. وعلى الرغم من قيادتهم الحذرة، إلا أن الكارثة كانت تنتظرهم. فقد اشتعلت النيران في إحدى عجلات المقطورة التي كانت تقل سيارة آل Demos!
بسرعة كبيرة قاد الأصدقاء الشاحنة والمقطورة إلى جانب الطريق. وتوقّف أيضًا ثلاثة غرباء كانوا يمرون بسياراتهم وساعدوا بسرعة في فكّ المقطورة من الشاحنة. بعد وقت قصير، إلتهمت النيران السيارة!
في حين خسر آل Demos سيارتهما الوحيدة جرّاء الحريق، إلا أنهما لم يخسرا شيئًا من ممتلكاتهما الأخرى. والأهم من ذلك، لم يتأذَ أصدقاؤهم. بالإضافة إلى ذلك، لم يتأذَ الغرباء الذين ساعدوهم ولا رجال الإطفاء الذين هُرِعوا لإطفاء الحريق. ربما كان للقصة نهاية مختلفة لو كان خزان السيارة مليئا بالوقود.
بدل التركيز على فقدان سيارتهما، لجأ آل Demos إلى التركيز على حماية ياه الرائعة في هذه المحنة الصعبة. وعلى إنستغرام، نشرت إيمي أقتبس: "نرى السلامة والحماية. لم يتعرّض أي شخص للأذى وكانوا سالمين كلهم. إنها معجزة."
قبل خيانته في جثسيماني مباشرةً، أعطى يهوشوا تلاميذه وعدًا مشجعًا رائعًا. قال لهم، اقتبس:
"قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ»". [يوحنا16: 33]
بغض النظر عما يحدث، يهوه يمسك زمام الأمور وسيعمل على حلّ كلّ الأمور لصالحنا.
تُطمئننا كُورِنْثُوسَ الأُولَى الأصحاح العاشر الآية الثالثة عشرة، قائلة: "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ ياه أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا".
بغضّ النظر عن التجارب التي دُعينا لنمرّ بها، يهوه لن يتركك ولن يتخلى عنك أبدًا. عينه عليك وهو سيقودك في كلّ التجارب والصعوبات.
لقد مُنحنا وعوداً عظيمة وثمينة. إبدأوا بالمطالبة بها.
* * *
الجزء 3: (سامي صابر و يوسف راضي)
سامي صابر: هذا الجانب المنسيّ لرسالة الإنجيل هو بالفعل بشارة سارّة. الآن للتوضيح، ماذا عن الخطيئة؟ هل قول "أنت جيد بما فيه الكفاية" بطريقة ما … لا أعرف … يعفينا من أي مسؤولية لمقاومة الخطيئة؟
يوسف راضي: بالطبع لا. كما تعلم، هناك خيط رفيع يفصل بين الأمرين. فمن ناحية، يحذِّر العبرانيون، "لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ،". [عبرانيين 12: 4] ومن ناحية أخرى، الحقيقة هي أنه طالما لدينا طبائع ساقطة، سنسقط أحيانًا ونتعثر في الخطيئة. لهذا السبب، عندما نتمتع بطابع أسمى عندما يؤسس يهوشوا ملكوت ياه، فإن التحرر من الخطيئة سيكون عظيماً وهبة مميزة.
سامي صابر: إذن ، في الأساس، خالقنا هو أيضًا خالقنا من جديد.
يوسف راضي: نعم! هذه طريقة رائعة للتعبير عنها، نعم. إنها بشارة الإنجيل وهي تتطرق إلى الأكاذيب التي روتها الحيّة في عدن. نحن جيدون بما فيه الكفاية في إنسانيتنا. نعم، الآن لدينا طبيعة ساقطة، ولكنّ الآب وضع خطة لإنقاذنا ايضًا. لكنه خلقنا بشرًا! أن تكون إنسانًا لا يعني أن تكون أقل شأناً. بل أن تكون جيداً بما فيه الكفاية. انتقل إلى كُولُوسِّي الأصحاح الأول. ففيه يُعرّف بولس هذا المفهوم كجزء من رسالة الإنجيل.
إذًا كُولُوسِّي، الأصحاح الأول الآيات الواحدة والعشرون حتى الثالثة والعشرين. وبينما تقرأها، أريدك أن تلاحظ أنه لا يذكر أي أمر عن جسد الإنسان أو العالم الماديّ كونه شريرًا. تفضل.
سامي صابر: "وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ [عن ياه] وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ…"
يوسف راضي: الخطيئة تعزّز الاعتقاد الذي غرسَته الحيّة والقائل إنك لست جيدًا بما يكفي. وكما حصل مع آدم وحواء -الذان لمّا سمعا صوت أبيهما في الجنة، ركضا واختبآ، إذ دفعهما الشعور بالذنب إلى الاختباء من صديقهما الأعزّ- نحن نفعل الأمر عينه. هذه هي الطريقة التي يبعدنا بها "سلوكنا الشرير" عن ياه. فهو لا يبعدنا عنه. إنما الذنب الموجود في أذهاننا هو الذي يفصلنا عنه.
حسنًا، تابع… كيف يتعامل يهوه مع ذلك؟
سامي صابر:
"قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ.
يوسف راضي: ما هو الأمل الذي يحمله الإنجيل؟
سامي صابر: … أننا جيدون بما فيه الكفاية.
يوسف راضي: ومقبولون في الحبيب.
سامي صابر: لقد لاحظت التركيز على جسد المسيح الماديّ. هذا يتعارض حقًا مع الفلسفة الوثنية القائلة إن أجسادنا الماديّة هي نفسها شريرة بطبيعتها، أليس كذلك؟
يوسف راضي: طبعًا! ما يقوله بولس هنا يفسّر لماذا كان ضروريًا لبشريّ -ليس لإلهيّ؛ ليس لبشريّ وإلهيّ- أن يكون ببساطة بشريًا بالكامل ليكون مخلِّصًا لنا. وهذا ما يثبت ولا يدع مجالاً للشك بأنه، في نظر يهوه، يكفي أن تكون إنسانًا. بالتأكيد جاهد ضد الخطيئة، ولكن ليس عليك أن تجاهد لتكون إلهًا. هذا ليس ما خلقك لتكون عليه.
سامي صابر: رائع! هذه فكرة جديدة. عندما نتبنّى عبء تجريم الذات المتمثل في عدم كوننا "صالحين بما فيه الكفاية"، وكون إنسانيتنا تجعلنا دائمًا أقل شأناً من ذلك، نكون بذلك نختلق الخطأ في خلق يهوه، أليس كذلك؟
يوسف راضي: وإذا اعتبرتَ خلق يهوه خطأ، فأنت حقًا تعتبر أن الخطأ خطأ من؟
سامي صابر: يهوه.
يوسف راضي: ياه. هذا صحيح.
هناك تصريح جميل حقًا أدلى به يهوشوا ليشرح لنا كم أن ياه يحبّنا. ليس بياناً عادياً نسمعه عادةً في العظات عن محبة ياه، ولكن الآن بعد أن عرفنا أن المخلّص كان إنسانًا بالكامل، فإنه يؤكد بشكل أكبر على حب الآب وقبوله لأبنائه البشر. يُذكر في إنجيل يوحنا. الأصحاح العاشر الآية السابعة عشرة. ولكن دعنا نبدأ بالآية الرابعة عشرة لنفهم السياق.
سامي صابر: حسنًا، تقول:
"أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ. وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا".
يوسف راضي: كل هذا الكلام عن الخراف وعن الراعي الصالح؟ هذا مجرد سياق. كل هذا يقود إلى الآية الأخيرة. "وبالتالي." لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ."
بعبارة أخرى، يقول يهوشوا، "أبانا يحبك كثيرًا لدرجة أنه يحبني أكثر لأنه على استعداد للموت من أجلك."
سامي صابر: هذا جميل.
يوسف راضي: الحب سيوقظ الحب دائمًا. هذا هو سبب أهمية سماع رسالة الإنجيل ومشاركتها ونشرها. تمامًا مثل الطفل الذي سيزدهر وينضج وينمو في بيئة مليئة بالحب والتقدير، سيفعل المؤمنون الشيء نفسه عندما يدركون مدى اكتمال حب الأب لهم وقبوله لهم كما هم.
أعلم أن وقتنا أشرف على النهاية، لذا سأتطرّق بإيجاز شديد إلى نقطة أخيرة. إن عقيدة الألوهية الثلاثية هي الامتداد الطبيعي لفكرة الروح الخالدة. إذا لم يكن كونك إنسانًا، جيدًا بما فيه الكفاية، فمن المؤكد أن مخلِّصك لا يمكنه أن يكون بشريًا. إذن، إن لم يكن إنسانًا، فما هو؟ لذلك تخطر لنا هذه الفكرة الملتوية والمستحيلة عن إله ثلاثة-في-واحد بحيث تشارَك ما يسمى بـ "الله الابن" مع الآب في وجود مسبق أبدي.
سامي صابر:أنت محق. وهكذا، حقًا، فإن عقيدة ثالوثِ "الله الابن" الإلهيّ تدمّر حقًا قوة الإنجيل وجماله، أليس كذلك؟
يوسف راضي: إنها تخفي أهم جانب من جوانب الإنجيل نفسه من خلال تعزيز تلميح الحيّة إلى أن كونك إنسانًا يعني أنك لن تكون أبدًا جيدًا بما فيه الكفاية.
على النقيض من ذلك، إختار يهوه عمدًا أن يكون لديه مسيح بشريّ لتعزيز مبدأ أنه لديه خطة للبشرية، ومصير مخطَّط للجنس البشريّ منذ البداية.
انتقل إلى متى الأصحاح الخامس والعشرين واقرأ الآية الرابعة والثلاثين. إنها تأكيد لا يصدق عن قيمتنا بالنسبة الى الآب كبشر.
سامي صابر: "ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ".
يوسف راضي: لطالما كانت خطة الأب هي ملء الأرض بالبشر والسماح لهم بالسيطرة عليها. كانت هذه خطته منذ البداية وستتحقق أخيرًا عندما يؤسس يهوشوا ملكوته. هذا إنجيل ملكوت يهوه: أنت صالح بما فيه الكفاية ويهوه يحبك كما أنت.
سامي صابر: آمين. شكراً لك يوسف.
إنضموا إلينا من جديد غداً، وحتى ذلك الوقت، تذكروا: يهوه يحبكم وهو جدير بثقتكم!
تسجيل خروج مسجل مسبقاً (منى حداد)
أنتم تستمعونَ إلى راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة".
فرصة العالم الأخيرة ملتزمة بإيصال إنجيل ملكوت ياه إلى العالم. فالنبوءة والأحداث الجارية تشير إلى أن المخلص سيعود في المستقبل القريب جدًا. وسيتبع ذلك مكافأة القديسين بالخلود وإقامة ملكوت ياه هنا على الأرض. ما من وقت لنضيعه. اقبلوا هبة الخلاص اليوم واسمحوا ليهوه أن يغطيكم ببر المسيح.
هذه الحَلقة، بالإضافةِ إلى الحلقاتِ السابقةِ من راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة"، متوفرةٌ للتحميلِ على موقعِنا الإلكتروني www.worldslastchance.com/arabic.
انقر على رمزِ راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة" الموجودِ أعلى الصفحةِ الرئيسيةِ لجهةِ اليمين. انضموا إلينا غدًا لتَستمِعوا إلى رسالةٍ مليئةٍ بالحقِّ عبر WBCQ على موجة 9330 كيلوهيرتز، وعلى تردّد 31 مترًا.
راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة ! نُحضِّرُ الناسَ للعيش في مكلوت يهوه الدنيوي، الذي سيتم تأسيسه عند رجوع المخلص الوشيك!
Comments