الحلقة 272
أورشليم هي بابل العظيمة!
يحدّد سفر الرؤيا أورشليم على أنها بابل العظيمة والزانية، بالإضافة إلى أسماء صادمة أخرى.
أهلًا بكم الى راديو فرصة العالم الأخيرة، التابع لخدمة راديو فرصة العالم الأخيرة وورلدز لاست تشانس، وهو خدمة مخصّصة لتعلّم كيفيّة العيش في استعداد دائم لعودة المخلّص.
طوال ألفي عام، والمؤمنون من كل جيل يتوقون إلى أن يكونوا الجيل الأخير. ولكن، خلافًا للاعتقاد الشائع، لم يعطِ المسيح المؤمنين «علامات الأزمنة» لينتبهوا إليها، بل على العكس، حذّر يهوشوا مراراً من أن مجيئه سيفاجئ حتى المؤمنين. وأوصاهم بإلحاح بأن يكونوا مستعدين دائمًا إذ قال:
" لِذَلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ." (متى٢٤: ٤٤)
راديو فرصة العالم الأخيرة: نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة.
الجزء الأول
سامي صابر: لطالما تربيّت على الاعتقاد بأن سفر الرؤيا كُتب بشكل خاص للجيل الأخير. ولأنني كنت أؤمن بأنني جزء من هذا الجيل، دائمًا ما كنت مهتمًا بدراسة النبوءات الواردة فيه. حتى إنني حاولت قراءة سلسلة "المُتخلِّفون" – التي أثارت فيّ الرعب أكثر من قبل.
إذا كان الكتاب المقدس جاء حاملًا ملصقًا تحذيريًا، فبرأيي هو سفر الرؤيا!
لكن، كما علِمنا مؤخرًا، وُضع سفر الرؤيا لتحذير المؤمنين في القرن الأوّل من الدمار الوشيك لمدينة أورشليم. صحيح أن بعض الأصحاحات في النهاية تتعلّق بالمستقبل، وتتحدّث عن عودة يهوشوا وتأسيسه لمملكته، لكنّ السفر بأكمله ليس في الواقع، سردًا لجميع الأحداث التي ستقع قبيل عودة المسيح.
مرحبًا، أنا سامي صابر وأنتم تستمعون إلى راديو فرصة العالم الأخيرة حيث نغطي مواضيع متعلقة بالكتاب المقدس، والنبوءة، والتقوى العمليّة، والمعتقدات الكتابيّة، والعيش في استعداد دائم لعودة المخلص غير المتوقعة، بغض النظر عن موعدها.
إذا لم يكن سفر الرؤيا، كما افترض معظم المؤمنين، بمثابة تحذير كبير للجيل الأخير، وإذا كانت رسالته الأساسيّة هي التحذير من دمار أورشليم، فأين نجد أورشليم مذكورةً في السِفر؟ أعلم أنه مليء بالرموز، لكن بعض هذه الرموز تشير، بلا شك، إلى أورشليم. أليس كذلك؟ إذًا، ما هي الرموز التي تُشير إلى أن الأمر برمته يتعلّق بأورشليم؟
هذا ما سنتناوله اليوم. لاحقًا، لدى ناديا يعقوب وعدٌ لكل من يحتاج إلى صديق. هل تشعر بالوحدة؟ هل تحتاج إلى صديق وفيّ، صديق "يساندك" دائمًا؟ إذًا، وعد اليوم مخصّص لك.
سأترك الكلام الآن ليوسف. يوسف؟ تفضّل.
يوسف راضي: شكراً لك! إنه لمن دواعي سروري، كالعادة، أن أنضم إليك في التعمّق في كلمة ياه.
طرحتَ أسئلةً قيّمةً حقًا. وأنتَ مُحِقٌّ: إذا كان سفر الرؤيا يدور أساسًا حول دمار أورشليم، فكيف يُرمَز إليها؟ لأنه إن لم يُكتَب كتحذير للجيل الأخير، فتفسيرنا للكثير من تلك الرموز كان خاطئًا.
سامي صابر: هذا ما كنتُ أخشاه. علينا أن نعرف الحق.
يوسف راضي: كنتَ تتحدث عن ملصقات التحذير. أحيانًا، في محاولة لحماية أنفسهم من دعاوى قضائيّة تافهة، يضع المصنّعون ملصقات تحذيريّة على منتجاتهم. وعندما تقرأ ملصقات التحذير التي تضعها بعض الشركات على منتجاتها، لا بد من أن تتساءل عن مدى ذكاء الجنس البشري إن كانت هذه الملصقات ضروريّة.
سامي صابر: مثلًا؟
يوسف راضي: مثلًا، كُتب على ملصق على منشار كهربائي: "لا تمسك الطرف الخاطئ". وكُتب على ملصق تحذيري آخر على عربة أطفال: "أخرِج الطفل قبل طيّها".
في الواقع، مكتوب على مكواة الملابس لدينا بأحرف صغيرة: "لا تكوي الملابس وأنت ترتديها".
سامي صابر: احتفلت ابنتي مؤخرًا بعيد مولدها. كنا منشغلين بعض الشيء، فاشترينا الكعكة من أحد المخابز. وكُتب في أسفل العلبة تحذير يقول: "لا تقلبها رأسًا على عقب".
يوسف راضي: ذات مرة، رأيت على عبوة الكاجو ملصقًا تحذيريًا يقول "قد يحتوي على مكسرات".
سامي صابر: هذا غير منطقي!
يوسف(ضاحكًا): لا تُجدي الملصقات التحذيريّة نفعًا إلا إذا أخذتها على محمل الجد وفهمت معناها. ولكن، تكمن المشكلة في أننا لم نفهم أن سفر الرؤيا كان يُحذّر من حدث وقع قبل ما يناهز الألفي عام. لذا، كنا نتوصّل إلى تفسيرات خاطئة للرموز. وأورشليم يُشار إليها مرارًا في سفر الرؤيا، بأكثر المصطلحات رعبًا.
ولكننا لم نتعرف إليها، إذ ظننا أن هذه الرموز تشير إلى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، أو إلى كيان شرير مستقبلي. اليوم، سأشارككم بعض الأفكار التي استخلصتها من قراءة دراسة أجراها Jacob Toman وعنوانها "أسماء أورشليم المتعددة في الرؤيا". إنها دراسة شيقة، يمكنكم الاطلاع عليها على موقعنا الإلكتروني. بعد دراستي لها شخصيًا، أرى أن Toman وُفّق في اكتشاف حقائق حقيقيّة تُجيب عن بعض الأسئلة التي راودتنا منذ أن علِمنا أن سفر الرؤيا أُنزل للتحذير من سقوط أورشليم وليس لنهاية العالم.
فلنبدأ بالتطرق إلى الرؤيا. ترد بعض النقاط المهمة في افتتاحية يوحنا، وأودّ أن نتناولها. بعض الآيات تحتوي على تفاصيل، ورغم أهميتها، إلا أنها لا توازي أهمية نقاش اليوم.
سامي صابر: من أين أبدأ؟
يوسف راضي: ابدأ بالآية الأولى. سأطرح بعض الأفكار في أثناء مناقشتنا.
سامي صابر: حسنًا.
إِعْلاَنُ يهوشوا الْمَسِيحِ، الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ يهوه لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ، وَبَيَّنَهُ مُرْسِلاً بِيَدِ مَلاَكِهِ لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا، الَّذِي شَهِدَ بِكَلِمَةِ ياه وَبِشَهَادَةِ يهوشوا الْمَسِيحِ بِكُلِّ مَا رَآهُ. طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ. (الرؤيا 1: 1-3)
يوسف راضي: لاحِظ كيف يُشدّد يوحنا، في ثلاث آيات فقط، ويُعيد التأكيد على أن الأحداث المُتنبّأ بها "لا بدّ أن تكون عن قريب"، الآية الأولى. ويُشدّد على أن على مُستمعيه أن يستيقظوا ويُنصتوا، لأن "الوقت قريب"، الآية الثالثة. هذه الرسالة مُلِحّة.
سامي صابر: يقول بعض المؤمنين أن هذا التركيز على قرب الأحداث التي تنبأ بها – ومع ذلك ها نحن ذا، بعد مرور ألفي عام – هو لأن المؤمنين الأوائل آمنوا بأن يهوشوا سيعود في أيامهم.
يوسف راضي: آمن بعض المسيحيين الأوائل بذلك. ولكن بحلول ذلك الوقت، كان بولس قد وضعهم على الصراط المستقيم. لم يعودوا تحت تأثير هذا الافتراض الخاطئ.
كُتب هذا عام ثمانية وستين ميلادي تقريبًا، أي قبل عامين فقط من تدمير أورشليم. أعلَم أن بعض العلماء يعتقدون أن هذا الكتاب كُتب في وقت لاحق، لكنّ الأدلة النصيّة لا تدعم ذلك.
سامي صابر: وإذا أخذنا في الاعتبار المدة التي سيستغرقها نشر الأخبار من بَطمُس، حيث كان يوحنا في المنفى، عبر بلاد الشام إلى أورشليم – فإن المدة لم تكن طويلة حقًا.
يوسف راضي: لا. حسنًا، تابع.
سامي صابر: " يُوحَنَّا، إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا…"
يوسف راضي: هذا هو جمهور يوحنا المستهدف. من يوجه له كتاباته، وليس جيلًا لم يولد بعد!
الآيات القليلة التالية هي مجرد جزء من ترحيبه الرسمي. ثم، في الآيتين التاسعة والعاشرة، نَعلم أن يوحنا كان منفياً إلى بَطْمُس عندما سمع صوتاً فجأة. ماذا قال له الصوت؟
سامي صابر: اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثَيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ".
يوسف راضي: مرة أخرى، وحرفيًا. كانت هذه كنائس حقيقية في آسيا الصغرى، أو تركيا الحديثة. كانت رسائل تشجيع وتعليم، بالإضافة إلى تحذيرات مما سيحدث عندما يُلغى "النظام القديم" – نظام الذبائح الدموية – إلى الأبد عند تدمير الهيكل.
سامي صابر: وماذا عن أورشليم؟ أين ذُكرت؟
يوسف راضي: لا تنسى أن هذا كُتب في زمنٍ لم يكن فيه المسيحيون آمنين. لذا، نعم. يُشار إلى أورشليم، ولكن رمزيًا. كان على يوحنا أن يكتب بهذه الطريقة إذ لو وقعت رسالته في أيادي خاطئة، يبقى المؤمنون بأمان.
سامي صابر: هذا منطقي.
يوسف راضي: تحت ستار الرموز، تبرز أورُشليم (كمقرّ "النظام القديم") بشكل بارز. أحيانًا، تُستدلّ الإشارة إلى أورشليم ببساطة، لكن هذه الطريقة تُعدّ دليلاً دقيقًا على أن أورشليم هي الموقع الجغرافي موضوع النقاش.
سامي صابر: هل تعطينا مثالاً على ذلك؟
يوسف راضي: بالتأكيد. فلننتقل إلى الرؤيا الحادي عشر. هنا، لم تُذكر أورشليم بالاسم، ولكن يمكننا أن نعرف أنه يشار إليها بناءً على تفاصيل أخرى في هذا المقطع.
اقرأ الآيتين الأولى والثانية.
سامي صابر:
ثُمَّ أُعْطِيتُ قَصَبَةً شِبْهَ عَصًا، وَوَقَفَ الْمَلاَكُ قَائِلاً لِي: «قُمْ وَقِسْ هَيْكَلَ ياه وَالْمَذْبَحَ وَالسَّاجِدِينَ فِيهِ. وَأَمَّا الدَّارُ الَّتِي هِيَ خَارِجَ الْهَيْكَلِ، فَاطْرَحْهَا خَارِجًا وَلاَ تَقِسْهَا، لأَنَّهَا قَدْ أُعْطِيَتْ لِلأُمَمِ، وَسَيَدُوسُونَ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا.
يوسف راضي: واضح أن هيكل ياه كان في أورشليم. لذا، لقياسه، وللمذبح، وللمصلّين، يجب أن تكون في أورشليم. ومن الواضح أن "المدينة المقدسة" تشير كذلك إلى أورشليم.
سامي صابر: أجل. يشير سفر دانيال إلى أورشليم أيضًا بهذه الطريقة.
يوسف راضي: صحيح. إذًا، كلما قرأتَ إشارةً إلى هيكل ياه، أو أيٍّ من خدماته، أو حتى أيٍّ من أثاثه – مثل المذبح – فإنك تقع على إشارة إلى أورشليم نفسها، لأن الموقع الفعلي للهيكل كان في أورشليم.
لاحِظ، أنه، في الآية الثانية، لدينا فترة زمنية محددة للغاية. تقول النبوءة إن المدينة المقدسة ستُداس اثنين وأربعين شهرًا، أي ثلاث سنوات ونصف. هذه الفترة مماثلة لتلك التي اندلعت فيها الثورة اليهودية الأولى، والتي أدت إلى تدمير أورشليم.
في نيسان /أبريل من العام ستة وستين ميلادي، صادر الحاكم الروماني … وسرق … سبع عشرة وزنة من خزانة الهيكل. وأشعل ذلك ثورة استمرت قرابة الثلاث سنوات ونصف حتى سقوط أورشليم عام سبعين ميلادي، حين دُمر الهيكل.
سامي صابر: هذا مثير للاهتمام.
يوسف راضي: نجد إشارة أخرى إلى أورشليم، مرة أخرى من خلال الاستدلال، في الآية الثامنة. إقرأها.
سامي صابر: "وَتَكُونُ جُثَّتَاهُمَا عَلَى شَارِعِ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تُدْعَى رُوحِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا."
يوسف راضي: أين صُلب المسيح؟
سامي صابر: أورشليم.
يوسف راضي: بالضبط. في الآية الثانية، تُسمى أورشليم "المدينة المقدسة". ولكن في الآية الثامنة، يُقال لنا إن المدينة المقدسة قد فسدت. الآن، روحيًا، تُسمى سدوم ومصر. سدوم لفجورها، ومصر لعباداتها الباطلة. فسدت عبادة اليهود فسادًا لا أمل منه.
سامي صابر: أجل! ألغى موت المسيح نظام الذبائح الدموية، ومع ذلك حافظ اليهود عليه لعقود بعد ذلك!
يوسف راضي: صحيح.
يتحدث هذا المقطع عن الشاهديْن وما حل بهما. ولكن لم يُذكر سوى مدينة واحدة، وذلك في الآيات الأولى والثانية والثامنة. أما المدينة التالية التي ذُكرت في الآية الثالثة عشرة، فهي تتحدث عن أورشليم. إنها المدينة الوحيدة المذكورة هنا.
إقرأ لنا الآية الثالثة عشرة
سامي صابر: وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَسَقَطَ عُشْرُ الْمَدِينَةِ، وَقُتِلَ بِالزَّلْزَلَةِ أَسْمَاءٌ مِنَ النَّاسِ: سَبْعَةُ آلاَفٍ. وَصَارَ الْبَاقُونَ فِي رَعْبَةٍ، وَأَعْطَوْا مَجْدًا لإِلهِ السَّمَاءِ..
يوسف راضي: ما من سمات مميزة هنا: لا ذكر للهيكل، ولا إشارة إلى مكان صلب يهوشوا. إنها مجرد إشارة إلى "المدينة". ولكن بما أن المدينة الوحيدة المذكورة في هذا المقطع هي أورشليم، يمكننا الاستنتاج أن أورشليم هي "المدينة" المقصودة. وإلا لما كان الأمر منطقيًا.
سامي صابر: هل تعرضت أورشليم لزلزال بين عامي ستة وستين وسبعين ميلادية؟
يوسف راضي: كنتُ أتساءل عن ذلك. بحثتُ عنه على الإنترنت. ولكن، ما من دليل تاريخي على وقوع زلزال كبير خلال تلك الفترة. أظننا نتطرّق في هذه الآية إلى رمز آخر.
سامي صابر: مثل ماذا؟
يوسف راضي: التغيير الهائل الذي حدث في هذه الفترة. كانت نهاية حقبة وبداية أخرى.
في العهد القديم، غالبًا ما تُصوِّر الزلازل التحولات الجيوسياسية التي تحدث كنتيجة لدينونة يهوه على الخطيئة وعبادة الأصنام.
سامي صابر: هذا ينطبق هنا! أورشليم كانت تحت عقاب إلهيّ على خطاياها.
يوسف راضي: وكانت النتيجة تحوّلًا جيوسياسياً هائلاً. خسروا ثورتهم ضدّ روما، وتشتت شعبهم، وفي النهاية، بعد مئات السنين، أدت التغييرات التي بدأت هنا عند سقوط أورشليم إلى ظروف معيشية مترديّة للغاية، لدرجة أنهم تخلوا عن أسلوبهم القديم في حساب الوقت، الذي أسّسه يهوه، وتكيّفوا مع التقويم اليولياني بدورته الأسبوعية المستمرة. مُحيت إسرائيل تماماً كأمة فريدة ومتميزة.
سامي صابر: رائع. وهل تربط كل هذا بدمار أورشليم؟
يوسف راضي: بالتأكيد. فمن دون مقر مركزي، ومن دون القدرة على تحديد موعد بدء الشهر الجديد ونشره، لم يتمكن الشتات من الاستمرار في استخدام التقويم القمري الشمسي للخلق أو التكوين.
واليهود يُقرّون بذلك! في الموسوعة اليهودية، تحت مصطلح "التقويم"، ورد ما يلي: "في عهد قسطنطيوس" – وهو أحد أبناء قسطنطين، حكم من عام ثلاث مئة وسبعة وثلاثين إلى ثلاث مئة وإثنين وستين ميلاديًا – "في عهد قسطنطيوس… بلغ اضطهاد اليهود ذروته لدرجة أن… حساب التقويم [كان] محظورًا تحت طائلة العقاب الشديد".
سامي صابر: رائع.
يوسف راضي: كانت هذه نتيجة مباشرة لتدمير الهيكل وتشتت اليهود.
سأبحث سريعًا عن اقتباس آخر. لهاينريش غرايتس Heinrich Graetz. كان غرايتس يهوديًا.
إنه من المجلد الثاني من سلسلته، تاريخ اليهود.
سامي صابر: "كانت الحالة المزرية التي كانت عليها يهودا سببًا لتخلي هِلّيل عن مبادئه، وهو ما لم يُقدَّر حق قدره بعد. وقد سادت العادة، إخفاء حساب الهلال والسنة الكبيسة، وإعلام المجتمعات في البلدان المجاورة بأوقات الأعياد عن طريق إرسال الرسل. وأثبتت هذه الطريقة، خلال فترة الاضطهاد التي شهدها عهد قسطنطيوس، عدم جدواها وفعاليتها. وكلما مُنع المجمع من تحديد تاريخ السنة الكبيسة، ساور المجتمعات اليهودية في البلدان البعيدة شكٌّ تامٌّ بشأن أهم القرارات الدينية. ولوضع حدٍّ لكلِّ صعوبةٍ وعدم يقين، أدخل هليل الثاني تقويمًا نهائيًا ثابتًا… وبيديه، دمَّر آخر رابطٍ كان يربط المجتمعات المتفرقة في الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية بالبطريركية."
يوسف راضي: لهذا السبب، يفترض المسيحيون اليوم أن يوم السبت هو السبت الكتابي: لأن اليهود يمارسون العبادة فيه. ولهذا يحتفلون بالأحد كيوم قيامة المسيح. ويعود كل ذلك إلى تدمير الهيكل عند سقوط أورشليم، وما تلاه من شتات. وتلاحظ أن هذا كان حدثًا يستدعي التحذير منه.
سامي صابر: بالتأكيد!
يوسف راضي: المرة التالية التي يتم فيها الإشارة إلى أورشليم هي في الرؤيا الرابع عشر. أتقرأ الآية الثامنة؟
سامي صابر: ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلاً: «سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا!».
أتقصد أن أورشليم هي بابل العظيمة؟؟
يوسف راضي: الأدلة برأيي تدعم هذا، نعم.
سامي صابر: من "المدينة المقدسة" إلى "بابل العظيمة". هذا سقوطٌ مُدوٍّ. سيتعين عليك تقديم أدلةٍ دامغةٍ لإقناعي بهذا.
يوسف راضي: هذا مقنع.
لذا، لدينا في الواقع خياران فقط:
إما أن عبارة "بابل المدينة العظيمة" هي إشارة إلى موقع جديد تمامًا لم يتم تحديده أو ذكره بعد، أو أن هذه المدينة هي المدينة نفسها التي حُدّدت في وقت سابق في النص.
عندما نتتبع النص، باحثين عن إشارة إلى مدينة – أي مدينة، فإن الإشارة الأخيرة ترد في الرؤيا الحادي عشر، الآية الثالثة عشرة. ونحن نَعلم من الرؤيا الحادي عشر لآية الثامنة أن المدينة التي يتم التطرق إليها هي أورشليم، "حيث صُلب ربنا أيضًا".
سامي صابر: إذن، ما من خيار آخر حقًا سوى أن تكون بابل، "تلك المدينة العظيمة"، هي أورشليم.
يوسف راضي: لا. لأنه لو كان يشير إلى مكان آخر، لتمكنّا من إثبات ذلك في النص. لكننا لا نستطيع ذلك.
ما يجب أن نضعه دائمًا في اعتبارنا هو أن النبوءة أُعطيت لنفهمها. عند تفسيرها، يجب أن تكون منطقيًا ومتسقًا دائمًا. وعند تحديد أمر ما، أو عند شرح رمز ما، يجب تطبيق هذا التفسير باستمرار.
بعد توضيح هذه النقطة، انتقل إلى الرؤيا الرابع عشر الآية عشرين.
سامي صابر: "وَدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ."
يوسف راضي: أعْلم أن هذا يتناقض مع كل ما قيل لنا أو آمنّا به، لكن أورشليم هي المرشح المنطقي الوحيد لهذه المدينة. لم تُذكر أي مدينة أخرى، سواءً مباشرةً أو بالإشارة إليها.
مرة أخرى، النبوءة مُقدَّمة لفهمها. ليس المقصود منها أن تكون لغزًا كبيرًا. خصوصًا سفر الرؤيا الذي يُقال لنا مرارًا وتكرارًا إنه يصف أمورًا "لا بدَّ من أن تحدث قريبًا… لأن الوقت قريب".
سامي صابر: صحيح. نقطة سديدة.
إذن، ماذا عن هذه المسافة المذكورة هنا؟ الآية عشرون تقول إن الدم وصل إلى ألف وستمئة غَلْوَةٍ. كم يبلغ طوله؟
يوسف راضي: ستة عشر ألف غَلْوَةٍ تعادل ما يقارب المئة وثمانين ميلاً، أو ثلاث مئة كيلومتر. والجدير بالذكر أن موقع المعصرة مُحددٌ خارج المدينة.
عندما تُداس المعصرة، يخرج الدم. هذا رمزٌ للدمار الواسع الذي اجتاح حدود أورشليم خلال الثورة اليهودية الأولى. إذا قست هذه المسافة، فستلاحظ أنها تغطي مساحةً أكبر بقليل من المساحة الجغرافية لإسرائيل في القرن الأول. لذا، يُشير هذا مجددًا إلى الدمار وسفك الدماء الذي خلّفته تلك الحرب.
سامي صابر: مذهل. يا له من وصفٍ مُعبّر لصراعٍ في منطقة جغرافية صغيرة، أودى بحياة أكثر من مليون شخص، ونُفي المزيد منهم أو بِيعوا كعبيد.
أودُّ استكشاف الأوصاف الأخرى لبابل العظيمة. أتشرح لنا كيف تتناسب هذه الأوصاف المُفصَّلة مع أورشليم؟
يوسف راضي: حسنًا. ذُكرت أورشليم في الرؤيا الرابع عشر. لكن، لم تُذكر أي مدينة في الأصحاحين الخامس عشر والسادس عشر. المرة التالية التي تُذكر فيها أي مدينة هي في الأصحاح السابع عشر. لمَ لا تنتقل إليه وتقرأ لنا من الآية الثالثة عشرة حتى الخامسة عشرة؟
سامي صابر:
فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ. وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا، وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «سِرٌّ. بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ».
أنت تقول لي إن هذا يشير إلى أورشليم؟؟
يوسف راضي: كما رأينا من السياق سابقًا، تشير بابل العظيمة إلى أورشليم. لم تُذكر أي مدينة أخرى. لذا، ما زلنا نتحدث عن المكان عينه كما في السابق.
أعْلم أن هذا يخالف كل ما تربينا عليه. لكن فلنحلل الأمر. وبينما نمضي قدمًا، أنا متأكد من أنكم ستدركون المنطق في هذا.
في المقطع الثالث، تُقدّم الينا قصة عاهرة ووحش. إنهما كيانان منفصلان، لكن بينهما علاقة. إنهما متصلان. لفترة، تتداخل أهدافهما. يتشاركان في أجندة واحدة، ويجنيان ثمار علاقتهما. لفترة محددة.
اقرأ الآن الآية الثامنة عشرة. سيشرح الملاك ليوحنا ما تعنيه هذه الرموز.
سامي صابر: "وَالْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا مُلْكٌ عَلَى مُلُوكِ الأَرْضِ»."
يوسف راضي: من الرائع أن يُعرّف الكتاب المقدس الرموز بوضوح! وهنا، يُقال لنا إن المرأة هي نفسها مدينة.
من السهل الافتراض أن روما، الوثنية في البداية ثم البابوية، هي تلك المدينة. ولكن كما رأينا من سياق كل مقطع، فإن المدينة الوحيدة التي ذُكرت هي أورشليم.
والآن فلنجرِ مراجعة سريعة للآيات التي أوصلتنا إلى هذا الاستنتاج.
- في الرؤيا الحادي عشر الآيتين الأولى والثانية، نرى أن أورشليم هي "المدينة المقدسة".
- في الآية الثامنة من الأصحاح نفسه، يشار إلى أورشليم رمزيًا باسم سدوم ومصر، لكننا نَعلم أنه يتحدث في الواقع عن أورشليم لأنه يضيف تفصيلًا مفاده أنها المدينة "التي صلب فيها ربنا".
- في الآية الثالثة عشرة، نقرأ عن زلزال عظيم. وهذا أيضًا رمزٌ لتحول جيوسياسي كبير.
- ثم في الرؤيا الرابع عشر الآية الثامنة، وفي الإصحاح السابع عشر، الآيتين الخامسة والثامنة عشرة، نرى اسمًا جديدًا يُطلق على "المدينة المقدسة" وهذا الاسم هو بابل.
سامي صابر: أستطيع أن أرى المرأة مدينة. الملاك يُخبر يوحنا صراحةً أن المرأة هي "تلك المدينة العظيمة". لكنني لا أرى كيف حكمت أورشليم ملوك الأرض. هل يمكنك توضيح هذه النقطة أكثر؟
يوسف راضي: مرة أخرى، لم يتبقَّ لنا سوى خيارين: إما أن الآية تشير إلى مكان جديد ومختلف تمامًا – مكان لم يُذكر أو يُفسَّر في أي مكان آخر – أو أن تكون الزانية هي أورشليم. هذان هما خيارانا الوحيدان.
لذا، فلننظر إلى التفاصيل التي يقدمها الينا سفر الرؤيا عن الزانية ولنر ما إذا كانت منطقية عند تطبيقها على أورشليم.
ما هي التفاصيل التي يعطيها إياها الرؤيا السابع عشر، الآية الثالثة عن المرأة؟
سامي صابر: آه… إنها تجلس على الوحش؟ تركب عليه؟
يوسف راضي: صحيح. بمعنى آخر، المدينة ليست قوة مستقلة. هل كانت روما الوثنية مستقلة؟
سامي صابر: بالتأكيد.
يوسف راضي: ماذا عن روما البابوية؟
سامي صابر: نعم. لهذا يعتبرون أنفسهم الكنيسة الأصلية. لاهوتهم فاسد، لكنهم، كانوا لفترة طويلة، الخيار الوحيد المتاح.
يوسف راضي: صحيح. كانت روما الوثنية والبابوية قوتين مستقلتين. لكن العاهرة ليست كذلك. يجب أن يدعمها الوحش.
سامي صابر: حسنًا، ولكن كيف دعمت روما أورشليم؟
يوسف راضي: كان هيكل السلطة في أورشليم يعتمد على روما. قد يُفاجئ هذا بعضهم. فالشعب كان يبحث دائمًا عن سبل للثورة، لكنّ القوى الكهنوتية كانت تعتمد على روما.
عندما مثل يهوشوا أمام بيلاطس، سأل بيلاطس اليهود: "أأصلب ملككم؟" ماذا أجاب رؤساء الكهنة؟ هل تذكر؟
سامي صابر: لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!
يوسف راضي: كان رؤساء الكهنة يعلمون أن سلطتهم تعتمد على تساهل روما. انتقل إلى يوحنا الحادي عشر واقرأ الآيات الخامسة والأربعين حتى الثامنة والأربعين. إنها بعد قيامة لعازر، عندما خشي رؤساء الكهنة والحكام أن يُضعف نفوذ المسيح مكانتهم في نظر الناس.
تفضّل.
سامي صابر: فَكَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مَرْيَمَ، وَنَظَرُوا مَا فَعَلَ يهوشوا، آمَنُوا بِهِ. وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَمَضَوْا إِلَى الْفَرِّيسِيِّينَ وَقَالُوا لَهُمْ عَمَّا فَعَلَ يَهوشوا. فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعًا وَقَالُوا: «مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذَا الإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً. إِنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا».
يوسف راضي: من المثير للاهتمام أن كلمة "أورشليم" لا تُذكر في الرؤيا إلا عندما تسبقها صفة "جديدة". يمكننا القول إن الرؤيا قصة مدينتين: أورشليم الأرضية، أي الزوجة الزانية، وأورشليم السماوية، أي العروس العفيفة الأمينة.
سامي صابر: أحد أسباب اعتقادي الدائم أن العاهرة هي روما هو الوصف الوارد في الآية الرابعة. تقول: "وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا،". إنها ثريةٌ جدًا. نعلم أن روما كانت كذلك. ماذا عن أورشليم؟
يوسف راضي: سؤال رائع. لديّ اقتباس من Kenneth L. Gentry، من مقالته الرائعة "بابل هي أورشليم". هلّا تقرأه لنا؟
سامي صابر: يقول:
"حتى الكُتّاب الوثنيون يُشيدون بأورشليم كمدينة معاصرة مهمة. يصفها تاسيتوس [اقتبس] بأنها "مدينة شهيرة". [نهاية الاقتباس]. ويُعلّق Pliny الأكبر بأنها [اقتبس] "أشهر مدينة في الشرق القديم بلا منازع". [نهاية الاقتباس]. أما Appian، وهو محامٍ وكاتب روماني، فأطلق عليها [اقتبس] "المدينة العظيمة أورشليم"… وتتفق نبوءات سِيبيل، ويوسيفوس، والتلمود على تسمية أورشليم "مدينة عظيمة" … وبالتالي، فإن أول دليل تفسيري لهوية بابل يشير إلى أورشليم."
هذا مثير للاهتمام. لم أكن أعلم أنها تُدعى "عظيمة".
ولكن ماذا عن الآية السادسة؟ تقول: وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَهوشوا". هذا يتوافق وروما بالتأكيد!
يوسف راضي: كونها تتوافق وروما، لا يعني أن القرائن السياقية الأخرى تشير إلى روما.
طبعتُ قائمةً طويلةً من الآيات التي تُعتبر فيها أورشليم – مركز القوة المتمركز في الهيكل – القوة الدافعة وراء اضطهاد شعب يهوه.
ما هي الآية الأولى ؟
سامي صابر: أعمال الرسل، الرابع الآيات الأولى حتى الثالثة. تقول:
وَبَيْنَمَا هُمَا يُخَاطِبَانِ الشَّعْبَ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ وَقَائِدُ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالصَّدُّوقِيُّونَ، مُتَضَجِّرِينَ مِنْ تَعْلِيمِهِمَا الشَّعْبَ، وَنِدَائِهِمَا فِي يهوشوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَأَلْقَوْا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ وَوَضَعُوهُمَا فِي حَبْسٍ إِلَى الْغَدِ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ الْمَسَاءُ.
يوسف راضي: ما التالي؟
سامي صابر: أعمال الرسل، الخامس الآيات الثامنة عشرة حتى الثالثة والثلاثين.
يوسف راضي: هي طويلة جدًا. تجاوزها وتابع. إنها مثال آخر. غيرها؟
سامي صابر: أعمال الرسل السادس الآية الثانية عشرة: "وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ (إستفانوس) وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ".
يوسف راضي: ونعلم أن إستفانوس، أول شهيد مسيحي، قُتل على يد… من؟ الرومان؟
سامي صابر: لا. اليهود.
يوسف راضي: صحيح.
ماذا بعد؟
سامي صابر: أعمال الرسل التاسع الآيات الأولى حتى الرابعة. تقول:
أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّدًا وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ، إِلَى الْجَمَاعَاتِ، حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاسًا مِنَ الطَّرِيقِ، رِجَالاً أَوْ نِسَاءً، يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفِي ذَهَابِهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلاً لَهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟»
يوسف راضي: هذا اضطهادٌ من الطراز الأول. بعد استشهاد استفانوس، تشتّت المؤمنون. غادروا أورشليم، ولكنهم عندما انتشروا، حملوا معهم رسالة الإنجيل.
لم يكتفِ شاول بتركهم يعيشون حياتهم بسلام، بل طاردهم. وحظي بدعم كامل من رئيس الكهنة في هذا المسعى الدموي.
لا نَعلم عدد المؤمنين الذين فقدوا حياتهم. لكنّ كثيرين فقدوا حياتهم. في الواقع، عندما اعتنق شاول المسيحية أخيرًا وأرسل يهوشوا حَنانِيّا إليه، لم يرغب حنانيا البداية بالذهاب إليه! ويشرح السبب في الآيتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة.
سامي صابر: فَأَجَابَ حَنَانِيَّا:« يَا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هذَا الرَّجُلِ، كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَههُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ».
يوسف راضي: انتشرت الكلمة وكان خوف المؤمنين من شاول مبرّرًا.
هل هناك المزيد؟
سامي صابر: أعمال الرسل التاسع الآيتان الثانية والعشرون والثالثة والعشرون: "وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَزْدَادُ قُوَّةً، وَيُحَيِّرُ الْيَهُودَ السَّاكِنِينَ فِي دِمَشْقَ مُحَقِّقًا «أَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ».
وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ،".
يوسف راضي: إذًا، لمجرد أن اليهود في أورشليم فقدوا مُضطهدهم وجلادهم الرئيس، لم يكونوا مستعدين للتعايش بسلام. فدبّروا مخططًا لقتل شاول الذي كان قد اعتنق المسيحية حديثًا.
تابع.
سامي صابر: أعمال الرسل الحادي عشر الآية التاسعة عشرة، تقول: أَمَّا الَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ الضِّيقِ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ اسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ الْيَهُودَ فَقَطْ..
يوسف راضي: هذا اضطهادٌ واسع النطاق! كانت أورشليم تلاحق المؤمنين حتى في بلدانٍ أخرى!
سامي صابر: لم يكلّوا ولم يملّوا! التالي، أعمال الرسل الثاني عشر الآيات الأولى حتى الثالثة.
وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ مَدَّ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ يَدَيْهِ لِيُسِيئَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْكَنِيسَةِ، فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِالسَّيْفِ. وَإِذْ رَأَى أَنَّ ذلِكَ يُرْضِي الْيَهُودَ، عَادَ فَقَبَضَ عَلَى بُطْرُسَ أَيْضًا. وَكَانَتْ أَيَّامُ الْفَطِيرِ.
يوسف راضي: الآية التالية، أعمال الرسل الثالث عشر الآيات الخامسة والأربعون حتى الخمسين، تتحدث عن اضطهاد المؤمنين – الذي بدأه اليهود أيضًا – في أنطاكية بِيسٍيدْيَة! إنها في تركيا الحديثة.
سامي صابر: على مسافة بعيدة من أورشليم.
يوسف راضي: ومع ذلك، كانوا يضطهدون المؤمنين.
ماذا تقول؟
سامي صابر:
فَلَمَّا رَأَى الْيَهُودُ الْجُمُوعَ امْتَلأُوا غَيْرَةً، وَجَعَلُوا يُقَاوِمُونَ مَا قَالَهُ بُولُسُ مُنَاقِضِينَ وَمُجَدِّفِينَ. فَجَاهَرَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَقَالاَ: «كَانَ يَجِبُ أَنْ تُكَلَّمُوا أَنْتُمْ أَوَّلاً بِكَلِمَةِ يهوه، وَلكِنْ إِذْ دَفَعْتُمُوهَا عَنْكُمْ، وَحَكَمْتُمْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، هُوَذَا نَتَوَجَّهُ إِلَى الأُمَمِ. لأَنْ هكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ:
قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ، لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصًا إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».
فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ. وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.
وَانْتَشَرَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ فِي كُلِّ الْكُورَةِ. وَلكِنَّ الْيَهُودَ حَرَّكُوا النِّسَاءَ الْمُتَعَبِّدَاتِ الشَّرِيفَاتِ وَوُجُوهَ الْمَدِينَةِ، وَأَثَارُوا اضْطِهَادًا عَلَى بُولُسَ وَبَرْنَابَا، وَأَخْرَجُوهُمَا مِنْ تُخُومِهِمْ.
يوسف راضي: أهناك المزيد؟
سامي صابر: أعمال الرسل الرابع عشر الآيات الأولى حتى الخامسة.
وَحَدَثَ فِي إِيقُونِيَةَ أَنَّهُمَا دَخَلاَ مَعًا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ وَتَكَلَّمَا، حَتَّى آمَنَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ. وَلكِنَّ الْيَهُودَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ غَرُّوا وَأَفْسَدُوا نُفُوسَ الأُمَمِ عَلَى الإِخْوَةِ. فَأَقَامَا زَمَانًا طَوِيلاً يُجَاهِرَانِ بِالرَّبِّ الَّذِي كَانَ يَشْهَدُ لِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، وَيُعْطِي أَنْ تُجْرَى آيَاتٌ وَعَجَائِبُ عَلَى أَيْدِيهِمَا. فَانْشَقَّ جُمْهُورُ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ مَعَ الْيَهُودِ، وَبَعْضُهُمْ مَعَ الرَّسُولَيْنِ. فَلَمَّا حَصَلَ مِنَ الأُمَمِ وَالْيَهُودِ مَعَ رُؤَسَائِهِمْ هُجُومٌ لِيَبْغُوا عَلَيْهِمَا وَيَرْجُمُوهُمَا...
يوسف راضي: إيقونِيَة تُسمى اليوم قونية. وتقع في جنوب وسط تركيا. ومرة أخرى، أينما انتشر الإنجيل، مارس اليهود الاضطهاد ضده.
سامي صابر: طاردوا المؤمنين حرفيًا ليصطادوهم ويقتلوهم! استمع إلى التالي: أعمال الرسل الرابع عشر الآية التاسعة عشرة. يقول: "ثُمَّ أَتَى يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَقْنَعُوا الْجُمُوعَ، فَرَجَمُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، ظَانِّينَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ."
يوسف راضي: لا يدرك المؤمنون اليوم مدى شدة الاضطهاد! انتقل إلى الْعِبْرَانِيِّينَ العاشر.
وسنرى كيف يصف كاتب الرسالة بالتفصيل معاناة المؤمنين. اقرأ الآيات الثانية والثلاثين حتى الخامسة والثلاثين.
سامي صابر:
وَلكِنْ تَذَكَّرُوا الأَيَّامَ السَّالِفَةَ الَّتِي فِيهَا بَعْدَمَا أُنِرْتُمْ صَبَرْتُمْ عَلَى مُجَاهَدَةِ آلاَمٍ كَثِيرَةٍ. مِنْ جِهَةٍ مَشْهُورِينَ بِتَعْيِيرَاتٍ وَضِيقَاتٍ، وَمِنْ جِهَةٍ صَائِرِينَ شُرَكَاءَ الَّذِينَ تُصُرِّفَ فِيهِمْ هكَذَا. لأَنَّكُمْ رَثَيْتُمْ لِقُيُودِي أَيْضًا، وَقَبِلْتُمْ سَلْبَ أَمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ، عَالِمِينَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنَّ لَكُمْ مَالاً أَفْضَلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَبَاقِيًا. فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ.
يوسف راضي: لم تكن روما هي المُضطهد الرئيس في تلك الأيام، بل كانت أورشليم. ولن نعرف عدد الشهداء الذين سقطوا في سبيل إيمانهم إلا في الأبدية بسبب الاضطهاد الذي قادته أورشليم.
تتطرق مقاطع أخرى إلى هذه النقطة، لكنني أريد أن أتطرق إلى نقاط أخرى. أورشليم مسؤولة عن دماء شهداء كثيرين. في الواقع، كانت في العصور الأولى مضطهدةً أشد من روما الوثنية، التي كانت في معظمها تميل إلى التساهل وقبول معتقدات الآخرين.
فلننتقل الآن إلى الوحش الذي تجلس عليه المرأة. اقرأ الرؤيا السابع عشر الآية السابعة.
سامي صابر: ثُمَّ قَالَ لِي الْمَلاَكُ: «لِمَاذَا تَعَجَّبْتَ؟ أَنَا أَقُولُ لَكَ سِرَّ الْمَرْأَةِ وَالْوَحْشِ الْحَامِلِ لَهَا، الَّذِي لَهُ السَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ…
يوسف راضي: هذا وصف غريب نوعًا ما. فالوحش وحش! له سبعة رؤوس وعشرة قرون. لكن لا داعي للقلق. سيشرح الملاك ما تمثله هذه الرموز. اقرأ الآية التاسعة.
سامي صابر: "هُنَا الذِّهْنُ الَّذِي لَهُ حِكْمَةٌ! اَلسَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ هِيَ سَبْعَةُ جِبَال عَلَيْهَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةً."
يوسف راضي: هذه الآية أحد أسباب اعتقاد الكثيرين أن الوحش يرمز إلى روما. منذ العصور القديمة، عُرفت باسم "مدينة التلال السبعة". إنه لقب. يشبه إلى حد ما باريس، المعروفة بكونها "مدينة الحب" أو "مدينة النور".
سامي صابر: مومباي: مدينة الأحلام.
يوسف راضي: والقاهرة: باريس النيل. و ليما، بيرو: مدينة الملوك.
سامي صابر: ولا تنسَ لاس فيغاس، نيفادا في الولايات المتحدة: مدينة الخطيئة. اسمٌ مُعبّرٌ جدًا، ألا تعتقد ذلك؟
يوسف راضي: أرى أنها المفضلة لديك!
لكنك فهمت قصدي. للمدن ألقاب، و"مدينة التلال السبعة" كان لقبًا لروما. لكنّ الحقيقة هي أن أورشليم في التوراة كانت محاطة أيضًا بسبعة تلال.
سامي صابر: حقًا؟! لم أكن أعرف ذلك. هل تعرف أسماءها؟
يوسف راضي: دوّنتها. ستعرف بعضها. القمم الثلاثة لسلسلة جبلية تمتد شرقًا هي: جبل سْكوبُس، وجبل الزيتون، وجبل الفساد. أما القمم الأربعة الأخرى، فهي: جبل الع السابع عشر ُوفِل، وجبل المورَيا، أو جبل صهيون القديم (الذي يُسمى اليوم جبل الهيكل)، وجبل صهيون الجديد حيث تُشير التقاليد إلى وجود الغرفة العلوية، والقمة الواقعة شمال الهيكل مباشرةً حيث بُنيت قلعة أنطونيا الرومانية.
سامي صابر: يا إلهي! مُذهل. لم أكن أعلم أن أورشليم مُحاطة بسبع تلال. كنت أعرف أن روما مُحاطة بها، لكن ليس أورشليم.
يوسف راضي: لذا حتى هذه التفاصيل تدعم فكرة أن أورشليم ترمز إلى بابل العظيمة.
سامي صابر: أرى ذلك.
ماذا عن موضع انقلاب الزانية والوحش ضد بعضهما بعض؟ ورد هذا في… لنرَ… الآيتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة. تقولان: ثُمَّ قَالَ لِيَ: «الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ حَيْثُ الزَّانِيَةُ جَالِسَةٌ، هِيَ شُعُوبٌ وَجُمُوعٌ وَأُمَمٌ وَأَلْسِنَةٌ. وَأَمَّا الْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى الْوَحْشِ فَهؤُلاَءِ سَيُبْغِضُونَ الزَّانِيَةَ، وَسَيَجْعَلُونَهَا خَرِبَةً وَعُرْيَانَةً، وَيَأْكُلُونَ لَحْمَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّارِ. " نهاية الاقتباس
كيف يتناسب هذا وأورشليم؟
يوسف راضي: ما لا يدركه كثيرون هو أن أورشليم، قبل الثورة اليهودية الأولى، كانت لها علاقة فريدة – قد يسميها بعضهم "خاصة" – بروما.
سامي صابر: كيف ذلك؟
يوسف راضي: طالما كانوا يولون الإمبراطور الذي كان، بالطبع، متمركزًا في أورشليم، ولاء كاملًا ويدفعون له الضرائب، كانوا يُتركون أحرارًا في مواصلة شعائر دينهم،. كان هذا تساهلاً كبيرًا من جانب روما. لا ندرك هذا بسبب قسوة الاضطهاد لاحقًا بعد أن شعرت روما بالإحباط من تمردات اليهود المستمرة رغم التساهل الذي أبدته لهم.
تحويلها و"تمزيقها"، كما تُترجمها بعض الروايات، أو إهلاكها، "جعلها خرابًا"، هو ما حدث عند تدمير أورشليم. لقد دُمرت إسرائيل تدميرًا كاملًا وتشتت شعبها، حتى إنها لم تعد تُعتبر أمة.
سامي صابر: لاحظتُ أنه قيل إن الزانية أحرقت بالنار.
يوسف راضي: نعم. أصدر الجنرال تيتوس أوامره بالحفاظ على الهيكل، وليس هدمه. لكن أحدهم، وهو جندي روماني، أشعل النار فيه رغم ذلك. تذكُر السجلات أن تيتوس حاول إخماد الحريق. أمر الجنود بمكافحته، لكنهم رفضوا أوامره المباشرة بسبب غضبهم الشديد من تعنت المتمردين اليهود. إذًا، نعم. أُحرقت الزانية بالفعل بالنار.
سامي صابر: عندما ندرك أن منصب رئيس الكهنة انحدر إلى الحد الذي أصبح فيه هذا المنصب المقدس قابلاً للشراء، فإن الإشارة إلى أورشليم باعتبارها "زانية" أمر مناسب للغاية.
يوسف راضي: ناهيك عن كل الأرواح التي أزهقوها. كلمات المسيح في متى الثالث والعشرين كانت مناسبة وصحيحة جدًا. أتقرأها لنا؟ مت، الثالث والعشرون الآيتان السابعة والثلاثون والثامنة والثلاثون.
سامي صابر: «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا.
يوسف راضي: كان يهوشوا يَعلم أن يوم دينونة أورشليم قادم لأنه بعد بضعة آيات فقط في متى الرابع والعشرين، حذّر التلاميذ تحذيرًا مفصلاً عما يجب أن يبحثوا عنه قبل هذا الحدث.
سامي صابر: صحيح. سأله التلاميذ متى سيُهدم الهيكل وما هي علامة نهاية العالم.
يوسف راضي: وأخبرهم ذلك. أعطاهم الكثير من العلامات على دمار أورشليم، ولكن عندما انتقل إلى الحديث عن نهاية العالم، كل ما استطاع قوله هو إنه على المؤمنين أن يراقبوا، لأننا لا نعرف متى سيعود. لن تكون هناك علامات تُشير إلى ذلك.
لكن، باختصار: يُشار إلى أورشليم باسم "المدينة العظيمة" وبابل. تظهر هذه الرموز، أو الألقاب إن صح التعبير، أيضًا في الأصحاحات الأخيرة من الرؤيا. يمكننا أن نعرف أن هذه المقاطع تصف سقوط أورشليم وتدميرها لأن جميع هذه الألقاب تتداخل في وصفها مع ما يمكن تسميته مدينة المنشأ: المدينة "التي صُلب فيها ربنا أيضًا". إنها أورشليم.
ليس لدينا الوقت لقراءتها كلها، ولكن إذا أردتم تدوين ذلك، فإن أورشليم تسمى "المدينة العظيمة" في الرؤيا الثامن عشر الآيات العاشرة، والسادسة عشرة والتاسعة عشرة والواحدة والعشرين. في الأصحاح نفسه، يشار إليها باسم بابل في الآيات الثانية، والعاشرة، والواحدة والعشرين.
وهنا أيضًا، نلاحظ تداخلًا. وهذا يُعلِمنا أن أورشليم، تلك المدينة العظيمة التي صُلب فيها ربنا أيضًا، هي بابل العظيمة، أم الزواني.
سامي صابر: واو. من كان يعلم ذلك؟
التالي، ناديا يعقوب ووعد اليوم.
وقفة منتصف البرنامج
أنتم تستمعونَ إلى راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة"!
راديو "فرصةُ العالمِ الأخيرة": نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة!
وعد اليوم
مرحبا! هنا راديو فرصة العالم الأخيرة، معكم ناديا يعقوب في وعد اليوم من كلمة ياه.
كان ألفريد ماتر Alfred Matter وتوم فيليبس Tom Philips يشعران بالحرّ الشديد. فقد كانا يتجولان تحت شمس إفريقيا الحارقة لساعات طويلة، بحثًا عن مكان مناسب لبناء محطة إرسالية جديدة. وكانا يشعران بالجوع والعياء والحرّ الزائد. وعندما وصلا إلى قمة تلة منخفضة، شاهدا بحيرة كبيرة تمتد أمامهما. بدت المياه منعشة وكأنها تدعوهما إليها. أعواد القصب الطويلة نمت على طول الشاطئ، ولكن، بدا لهما أن الشاطئ الصغير هو المكان المثالي ليحصلا على بعض الانتعاش من خلال سباحة سريعة.
عاش ألفريد، وهو من سويسرا، في تنجانيقا، أو ما يُعرف اليوم بتنزانيا، لفترة أطول ببضع سنوات من توم، الذي كان من أميركا. فخلع الأخير ملابسه بسرعة، وغطس في المياه بينما دخل ألفريد إليها بحذر شديد. بعد حرارة الشمس الحارقة، كانت برودة الماء صادمة.
وعلى سبيل التسلية، دعا توم ألفريد إلى تحدٍّ في سباق السباحة. وأضاف توم ممازحاً، وهو يرفع عضلاته في وضع لاعب كمال الأجسام الكلاسيكي: "لا أحد يستطيع التغلب على أميركا!"
"ها!" أجابه ألفريد ممازحاً هو الآخر. "سأسبقك بمسافة طويلة جدًا، وستظن أنك لا تبارح مكانك".
بينما كان ألفريد يواصل التأقلم ببطء مع درجة الحرارة الباردة، قرّر توم السباحة على طول الضفة استعداداً للسباق. وفي هذه الأثناء، لاحظ ألفريد أنّ القصب على طول الضفة يتحرك… ولم تكن الريح هي التي تحركه. بل تمايلت أعواد القصب نحو عرض البحيرة. وفجأة، صعد إلى سطح المياه "جذع شجرة" ضخم. ولمعت عينان جائعتان وهما تحدّقان في توم الذي بدا غافلاً تماماً. وكان الجذع تمساحًا!
أخذت الأفكار تتضارب في رأس ألفريد وهو يحاول التفكير في ما يجب فعله. فحاول أن يقذف بيديه المياه الضحلة لتشتيت انتباه الوحش، لكنّ الوحش كان يحدّق بـ توم ولم يلفت انتباهه أي قدر من رش المياه الجامح. في حالة من الذعر والخوف على صديقه، أطلق ألفريد صلاة صامتة نحو السماء. كان يَعلم أنه إذا أخبر توم بالخطر، فإن شعوره بالرعب الشديد سيسلبه القدرة على السباحة، لذا، بدل تحذير توم، راح يسخر منه.
"هل تسمي ما تفعله سباحة؟" قال له ساخراً، وأضاف. "يا رجل، بإمكان جدتي أن تهزمك وهي ترتدي فستانًا. أنت تزحف مثل الحلزون! أرِني سباحة حقيقية. إسبح حتى تلك الصخرة الكبيرة هناك. وعندما تصل إليها، اخرج بسرعة وسأحدد لك الوقت. إستعد. إنطلق!"
إنطلق توم في سباحة سريعة منتظمة، لكنّ السخرية استمرت.
"أهذا أفضل ما يمكنك فعله يا "أميركا"؟ إنطلق بسرعة أكبر! إذا لم تتمكن من التحرك بشكل أسرع، فأنا سأتغلب عليك حتى قبل أن تبدأ."
بدأ توم يشعر بالغضب. فما بدأ على سبيل التسلية والمزاح تحول إلى أمر مزعج للغاية. من كان يظن أن ألفريد يمكن أن يكون بغيضًا إلى هذا الحد؟
وفي هذه الأثناء، رأى ألفريد التمساح وهو يقترب أكثر فأكثر من صديقه. راح يصلي بقوة أكثر من أي وقت مضى وهو يصرخ: "هيا، أسرِع، أسرِع! أنت على وشك الوصول. دعني أرك تخرج من المياه. دعني أرَ كيف يكون الأميركي الحقيقي! وما أن تمسّك توم بالصخور، حتى صاح به ألفريد قائلاً: "انطلق! اهرب! اهرب! هناك تمساح يتبعك!"
نظر ألفريد خلفه نظرة مفعمة بالرعب، فتعثّر بالصخرة في حين انغلق فكا التمساح الضخمان في الهواء الفارغ. انهار توم من الصدمة والرعب. ركض ألفريد على طول الشاطئ وهرع إلى حيث كان صديقه يستلقي أرضاً.
"يا للهول! هذه أقرب لحظة من الموت رأيتها في حياتي. خرجتَ في الوقت المناسب."
نظر توم إلى ألفريد مذهولاً وقال له وهو يلهث: "هل تقصد أن تخبرني.. أنك كنتَ تَعلم أن هذا التمساح كان يطاردني ولم تحذّرني؟ يا لك من صديق مخلص!".
جلس ألفريد القرفصاء إلى جانب صديقه وأجابه قائلاً: "رأيتَ ماذا حدث عندما علمتَ أن تمساحًا كان يطاردك. انهرتَ تماماً. لم أشأ المخاطرة بحدوث ذلك وأنت في الماء، لذا صرخت بكل ما يمكن أن أفكر فيه لأجعلك غاضبًا بما يكفي لتسبح بأسرع ما يمكن." أضاف ممازحاً وهو يومئ برأسه: "ونجح الأمر! أنا لن أتحداك أبدًا في أي سباق. ستفوز بالتأكيد."
هزّ توم رأسه وخرجت من فمه ضحكة مترددة. كان ألفريد صديقًا حقيقيًا. لكنه لم يدرك ذلك.
تقول الآية الرابعة والعشرون في الأمثال الثامن عشر: "اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَلكِنْ يُوجَدْ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ". وهذا المُحِبّ هو بالطبع يهوه نفسه. محبته ورعايته لنا ثابتتان لا تتغيّران. يقول إشعياء التاسع والأربعون الآيات الرابعة عشرة إلى السادسة عشرة:
وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: "قَدْ تَرَكَنِي يهوه، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي".
"هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟
حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ.
هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِمًا.
لقد مُنحنا وعوداً عظيمة وثمينة. إبدأوا بالمطالبة بها!
الجزء الثاني
سامي صابر: كوني آمنت سابقًا بأن سفر الرؤيا كُتب لتحذير "الجيل الأخير" من العلامات التي يجب ترقبها استعدادًا لعودة المسيح، لديّ سؤال لك. نعلم الآن، بالطبع، أن الرؤيا كُتب ليهود القرن الأول لتحذيرهم من دمار أورشليم.
يوسف راضي: بعض أجزاء من الرؤيا تتعلق بالمستقبل.
سامي صابر: بالتأكيد! بالتأكيد. لكنها ليست… تلك الكرة البلورية التي تُظهر رؤيا مُفصّلة للمستقبل كما كنتُ أعتقد. فالتركيز الأساس ينصبّ على حدثٍ وقع قبل ألفي عام تقريبًا!
لذا، أعتقد أن سؤالي هو، بصرف النظر عن الأصحاحين الأخيرين اللذين يتحدثان عن المستقبل، لماذا يُفضّل المسيحيون اليوم تخصيص الوقت لدراسة الرؤيا؟ بصرف النظر عن الفضول الأكاديمي، لماذا يُعدّ تحديد هوية أورشليم الصحيح أمرًا مهمًا أصلًا؟ لا أحاول أن أقلل الاحترام أو الأهمية. أنا أتساءل فقط، بما أن هذه النبوءة قد تحققت منذ زمنٍ بعيد، ما الفرق الذي تُحدثه للمؤمنين اليوم؟
يوسف راضي: سؤالك رائع، وأنا سعيد به. أولًا، عندما نعرف ما يتحدث عنه سفر الرؤيا حقًا، وبعد تحديد موقع أورشليم بدقة، لن ننخدع بالأوهام الخيالية التي صدّقناها في الماضي عندما كنا نؤمن بأن هذه النبوءات ستتحقق في المستقبل.
أعني، نَعلم من تحذيرات المسيح المتكررة أن مجيئه سيكون مفاجئًا لدرجة أن المؤمنين سيُفاجأون به. ولكن كم من الناس سيُفاجأون وهم غير مستعدين روحيًا لأنهم أجّلوا الاستعداد الروحي؟ لم يروا "علامات الأزمنة" التي أُمروا بترقبها، فظنوا أن لديهم وقتًا أطول للعبث بالخطيئة. أجّلوا هذا الاستعداد الروحي البالغ الأهمية. وهكذا، عندما يظهر المسيح، لن يكونوا مستعدين!
سامي صابر: هذا أمر مرعب.
يوسف راضي: نعم. عندما نفسر الرؤيا بشكل صحيح – أي أن تركيزه الأساس هو على تدمير أورشليم – نلاحظ أن له تطبيقات روحية عديدة على المؤمنين اليوم. باستثناء الأصحاحين الأخيرين، فهو ليس كتابًا عن المستقبل. لكن لا شك في أن تدمير أورشليم كان له أثرٌ دائم على المسيحية، بل وحتى على العالم، تمتد آثاره إلى عصرنا.
سامي صابر: صحيح. أتذكر كم صدمتُ عندما علمتُ أن النسخة الباقية من اليهودية هي اليهودية الفريسية. إن هذا النوع من اليهودية الذي دأب المسيح على التنديد به هو نفسه الذي يلجأ إليه كثير من المسيحيين المخلِصين اليوم، ظانّين أنهم سيجدون فيه نورًا. لكنّ اليهودية الحديثة، كونها من سلالة الفريسيين، هي قبرٌ مليءٌ بعظام الموتى. وهذا ليس تشبيهي. هذا ما قاله يهوشوا في متى الثالث والعشرين!
يوسف راضي: أنت محق. أعتقد أن القيمة الحقيقية لهذا الكتاب تكمن في تشجيعنا على اعتبار يهوه إله الزمن. إنه المسيطر. إله التاريخ هو إله المستقبل، وهو نفسه الذي نعبده اليوم. عمل يهوه بثبات وإخلاص على مر التاريخ لتحقيق خططه. إن دراسة نبوءات الرؤيا، وتحديد أورشليم بدقة، ثم رؤية كيف تحققت هذه النبوءات عند دمارها، تمنحنا ثقة بيهوه.
إيماننا ليس أعمى! معتقداتنا لا ترتكز على تقاليد جوفاء أو خرافات. أساس إيماننا ليس فلسفاتٍ تُشعرنا بالسعادة، بل هو مبني على حقيقة عمل يهوه عبر التاريخ. هذا العمل موثقٌ في الكتاب المقدس وفي مصادر أخرى. نرى يد يهوه وهي تعمل عبر التاريخ! وهذا يُقوينا لنبقى مؤمنين، عالمين أنه لا يزال يمسك بزمام الأمور.
وهكذا، سواء أعاد يهوشوا خلال حياتنا أم لا، فهذا أمرٌ غير مهم. نَعلم أن مقاصد يهوه، وخططه العظيمة، والمعقدة، والمتشابكة بأناقة، والواسعة، والغامضة، ستتحقق. سيعود المسيح. وستُقام مملكة يهوه على الأرض، وينتظر المؤمنين به فرحٌ أبدي.
لختام حديثنا، إنتقل إلى إشعياء الرابع والستين واقرأ لنا الآية الرابعة.
سامي صابر: وَمُنْذُ الأَزَلِ لَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يَصْغَوْا. لَمْ تَرَ عَيْنٌ إِلهًا غَيْرَكَ يَصْنَعُ لِمَنْ يَنْتَظِرُهُ.
أشكركم على حسن انضمامكم إلينا اليوم. حلقاتنا التي سبق أن بُثّت موجودة على موقعنا الإلكتروني، وإذا رغبتم في مشاركة حلقة اليوم، يمكنكم العثور عليها على موقعنا. ابحثوا عن الحلقة مئتين واثنين وسبعين، وعنوانها: "أورشليم هي بابل العظيمة!"، على WorldsLastChance.com/arabic.
نأمل أن تتمكنوا من الاستماع إلينا غدًا من جديد. وحتى ذلك الحين، تذكروا: يهوه يحبكم. . . وهو جدير بثقتكم!
تسجيل الخروج
كنتم تستمعون إلى راديو فرصة العالم الأخيرة.
هذه الحلقة والحلقات السابقة من راديو فرصة العالم الأخيرة متاحة للتنزيل على موقعنا. إنها رائعة للمشاركة مع الأصدقاء ولاستخدامها في دراسات الكتاب المقدس! كما أنها مصدر ممتاز لأولئك الذين يعبدون يهوه بمفردهم في المنزل. للاستماع إلى الحلقات التي بُثّت سابقًا، زوروا موقعنا WorldsLastChance.com/arabic وانقروا على رمز راديو فرصة العالم الأخيرة المعروض على صفحتنا الرئيسية.
في تعاليمه وأمثاله، لم يقدّم المخلّص أي "علامات للأزمنة" يجب الانتباه إليها. بدل ذلك، فحوى رسالته كان… اليقظة المستمرة. إنضموا إلينا مرة أخرى غدًا للحصول على رسالة أخرى مليئة بالحق بينما نستكشف مواضيع مختلفة تركّز على عودة المخلّص وكيفية العيش في استعداد دائم للترحيب به بحرارة عندما يأتي.
راديو فرصة العالم الأخيرة: نُعلّم العقول ونُعدّ القلوب لعودة المسيح المفاجئة.